للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ﴾. قال: الصلحُ (١).

وأما قولُه: ﴿فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾. فإنه يقولُ: إذا استسلم لكم هؤلاء المنافقون الذين وصف صفتَهم، صلحًا منهم لكم، ﴿فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾. أي: فلم يَجْعَلِ اللهُ لكم على أنفسِهم وأموالِهم وذراريِّهم ونسائِهم طريقًا إلى قتلٍ أو غنيمةٍ أو سباءٍ، بإباحةٍ منه ذلك لكم ولا إذْنٍ، فلا تَعَرَّضُوا لهم في ذلك إلا بسبيل (٢) خيرٍ.

ثم نسخ الله جل ثناؤُه جميع حكم هذه الآية والتي بعدها بقوله: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ٥].

ذكرُ مَن قال في ذلك مثلَ الذي قلنا فيه

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن قالا: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾. إلى قوله: ﴿وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾. وقال في المُمْتَحَنَةِ: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾. وقال فيها: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٢٨ (٥٧٦٥) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "سبيل".