للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علينا، ﴿وَاتَّقُوهُ﴾. يقولُ: واتَّقُوا رَبَّ العالمين الذي أُمِرْنا أن نُسْلِمَ له، فخافوه، واحْذَرُوا سَخَطَه بأداءِ الصلاةِ المفروضةِ عليكم، والإذعانِ له بالطاعةِ، وإخلاصِ العبادةِ له، ﴿وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾. يقولُ: وربُّكم ربُّ العالمين هو الذي إليه تُحْشَرون، فتُجْمَعون يومَ القيامةِ، فيُجازِي كلَّ عاملٍ منكم بعملِه، وتُوَفَّى كلُّ نفسٍ ما كسَبَت.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهؤلاء العادِلِين بربِّهم الأندادَ، الداعيك إلى عبادةِ الأوثانِ: أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لربِّ العالمين، الذي خلَق السماواتِ والأرضَ بالحقِّ، لا مَن لا يَنْفَعُ ولا يَضُرُّ، ولا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿بِالْحَقِّ (١)﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: وهو الذي خلَق السماواتِ والأرضَ حقًّا وصواباً، لا باطلاً وخطأً، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا﴾ [ص: ٢٧]. قالوا: وأُدْخِلَت فيه الباءُ والألفُ واللامُ كما تَفْعَلُ العربُ في نظائرِ ذلك، فتقولُ: فلانٌ يقولُ بالحقِّ. بمعنى: أنه يقولُ الحقَّ. قالوا: ولا شيءَ في قولِه بالحقِّ غيرَ إصابِته الصوابَ فيه، [لا أن] (٢) الحقَّ معنًى غيرُ القولِ، وإنما هو صفةٌ للقولِ، إذا كان بها القولُ كان القائلُ موصوفًا بالقولِ بالحقِّ، وبقولِ الحقِّ. قالوا: فكذلك خلقُ السماواتِ والأرضِ، حكمةٌ مِن حكمِ اللهِ، فاللهُ موصوفٌ بالحكمةِ في خلقِهما، وخلقِ ما


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: (قوله الحق).
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: (لأن).