للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سواهما مِن سائرِ خلقِه، لا أن ذلك حقٌّ (١) [سوى خَلْقِهما خلَقهما] (٢) به.

وقال آخَرون: معنى ذلك: خلَق السماواتِ والأرضَ بكلامِه وقولِه لهما: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ [فصلت: ١١]. قالوا: فالحقُّ في هذا الموضعِ معنيٌّ به كلامُه. واسْتَشْهَدوا لقيلِهم ذلك [بقولِه: ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ] (٣) الْحَقُّ﴾: الحقُّ هو قولُه وكلامُه. قالوا: واللهُ خلَق الأشياءَ بكلامِه وقيلِه، فما (٤) خلَق به الأشياءَ، فغيرُ (٥) الأشياءِ المخلوقةِ. قالوا: فإذ كان ذلك كذلك، وجَب أن يَكونَ كلامُ اللهِ الذي خلَق به الخلقَ غيرَ مخلوقٍ.

وأما قولُه: ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. فإن أهلَ العربيةِ اخْتَلَفُوا في العاملِ في ﴿يَوْمَ يَقُولُ﴾. وفي معنى ذلك؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: اليومُ مضافٌ إلى ﴿يَقُولُ (٦) كُنْ فَيَكُونُ﴾. قال: وهو نصبٌ، وليس له خبرٌ ظاهرٌ، واللهُ أعلمُ، وهو على ما فسَّرْتُ لك. كأنه يعني بذلك أن نصْبَه على: واذْكُرْ يومَ يقولُ: كُنْ فيكونُ. قال: وكذلك ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾. قال: وقال بعضُهم: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ﴾.

وقال بعضُهم (٧): ﴿يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. للصُّورِ خاصةً.

فمعنى الكلامِ على تأويلِهم: يومَ يَقولُ للصُّورِ: كُنْ. فيكونُ. قولُه الحقُّ يومَ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: (حقا).
(٢) في م: (سوَّى خلقهما به). وينظر التبيان ٤/ ١٧٢.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: (قوله ويوم يقول كن فيكون قوله).
(٤) في م: (كما).
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: (بغير)، وفي م: (غير)، والمثبت هو الصواب.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: (قوله).
(٧) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ٣٤٠.