للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له (١): ما شئتَ؛ إن شئتَ أصْبَح ذهبًا، ولئن أرْسل آيةً فلم يُصَدِّقوا عندَ ذلك لَنُعَذِّبَنَّهم، وإن شئتَ فأتْرُكُهم (٢) حتى يَتوبَ تائبُهم. فقال: "بل يَتُوبُ تائِبُهم".

فأنْزَل اللهُ تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ﴾ إلى قولِه ﴿يَجْهَلُونَ﴾ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٩)﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في المخاطَبِين بقولِه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾؛ فقال بعضُهم: خُوطِب بقولِه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾. المشركون المُقْسِمون باللهِ؛ لئن جاءَتهم آيةٌ ليُؤْمِنُنَّ. وانتهى الخبرُ عندَ قولِه: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾. ثم اسْتُؤْنِف الحكمُ عليهم بأنهم لا يُؤْمنون عندَ مجيئِها استئنافًا مبتدَأً.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾. قال: ما يُدْرِيكم. قال: ثم أخْبَر عنهم أنهم لا يُؤْمِنون (٤).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾: وما يُدْرِيكم، (إنها إذا جاءت). قال: أوْجَب عليهم أنها إذا جاءت لا يُؤْمِنون.


(١) بعده في م: "لك".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "فاىرحهم" غير منقوطة، وفي س: "فاترحهم". وأثبتها الشيخ شاكر: فأندحهم. وقال: وهو عندي من قولهم: ندحت الشيء ندحا: إذا أوسعته وأفسحته … أي: أفسح لهم وأجعل لهم مندوحة في هذا الأمر حتى يتوب تائبهم.
(٣) ذكره ابن كثير في التفسير ٣/ ٣٠٩ عن المصنف، ثم قال: وهذا مرسل وله شواهد من وجوه أخر. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٩ إلى المصنف.
(٤) من تمام الأثر المتقدم تخريجه في الصفحة السابقة. وأخرج هذا الجزء ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٨ (٧٧٦٨، ٧٧٦٩) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح به.