للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: سمِعْتُ عبدَ اللهِ بنَ يزيدَ (١) يقولُ: ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ﴾. ثم يَسْتَأْنِفُ فيقولُ: (إنها إذا جاءَت لا يُؤْمنون).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾: وما يُدْرِيكم أنكم تُؤْمِنون إذا جاءت، ثم اسْتَقْبل يُخْبِرُ عنهم فقال: ﴿إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (٢).

وعلى هذا التأويلِ قراءةُ مَن قرَأ ذلك بكسرِ ألفِ: (إنها)، على أن قولَه: (إنَّها إذا جاءت لا يُؤْمِنون). خبرٌ مبتدَأٌ منقَطِعٌ عن الأولِ.

وممَّن قرَأ ذلك كذلك بعضُ قرأةِ المكيين والبصريين (٣).

وقال آخَرون منهم (٤): بل ذلك خطابٌ مِن اللهِ نبيَّه وأصحابَه. قالوا: وذلك أن الذين سأَلوا رسولَ اللهِ أن يَأْتِيَ بآيةٍ، المؤمنون به. قالوا: وإنما كان سببَ مسألتِهم إياه ذلك أن المشركين حَلَفوا أن الآيةَ إذا جاءت آمَنوا واتَّبَعوا رسولَ اللهِ ، فقال أصحابُ رسولِ اللهِ : سَلْ يا رسولَ اللهِ ربَّك ذلك.

فسأَل، فأَنْزَلَ اللهُ فيهم وفي مسألتِهم إياه ذلك، ﴿قُلْ﴾ للمؤمنين بك يا محمدُ: ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ أيُّها المؤمنون بأن (٥) الآياتِ إذا جاءَت هؤلاء المشركين باللهِ أنهم لا يُؤْمِنون به. ففتَحوا الألفَ مِن "أن".

وممَّن قرَأ ذلك كذلك عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والكوفةِ (٦)، وقالوا: أُدْخِلَت


(١) في م: "زيد".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٨ (٧٧٧٠) من طريق حجاج به عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٩ إلى أبي الشيخ.
(٣) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وعن أبي بكر الوجهان. الكشف عن وجوه القراءات ١/ ٤٤٤.
(٤) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٣٥٠.
(٥) في ص، ت ١، س، ف: "بأنه أن".
(٦) هي قراءة نافع وعاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٢٦٥.