للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضعِ (١).

وإنما اختَرنا في تأويلِ ذلك في هذا الموضعِ ما اختَرنا؛ لأن قائلَ هذا القولِ لفرعونَ وقومِه، إنما قصَد به فرعونَ؛ لكفرِه (٢)، وما كان همَّ به من قتلِ موسى، وكان فرعونُ عاليًا عاتيًا في كفرِه باللهِ، سفَّاكًا للدماءِ التي كان محرَّمًا عليه سفكُها، وكلُّ ذلك مِن الإسرافِ، فلذلك اختَرنا ما اختَرنا من التأويلِ في ذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبِرًا عن قيل هذا المؤمنِ مِن آل فرعونَ لفرعونَ وقومِه: فستذكرون أيُّها القومُ إذا عاينتم عقاب اللهِ قد حلَّ بكم، [ولقِيتم ما] (٣) لقيتموه - صِدْقَ ما أقولُ، وحقيقةَ ما أُخبرُكم به، من أن المسرفين هم أصحابُ النارِ.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدِ في قولِه: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ﴾. فقلتُ له: أذلك في الآخرةِ؟ قال: نعم.

وقولُه: ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ﴾. يقولُ: وأُسلِمُ أمرِى إلى اللهِ، وأجعلُه إليه، وأتوكلُ عليه، فإنه الكافي مَنْ تَوَكَّلَ عليه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَأُفَوِّضُ


(١) ينظر ما تقدم في ٦/ ١١٩، ٤٠٨، ٤٠٩.
(٢) سقط من الأصل.
(٣) في الأصل: "إذا".