للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يموتُ، القيوم على خَلْقِه بتدبيره إياهم، وتصريفهم لما شاءُوا. وأَصلُ العُنُوِّ الذُّلُّ، يقالُ منه: عَنا وجهه لربِّه يَعْنُو عُنُوًّا. يعنى به (١): خَضَع له وذَلَّ؛ ولذلك (٢) قيل للأسير: عانٍ. لذلَّةِ الأسْرِ. وأما قولُهم: أخذتُ الشيءَ عَنْوَةً. فإنه يكونُ وإن كان معناه يَئُولُ إلى هذا أن يكونَ أخذه غَلَبَةً، ويكون أخذه عن تسليمٍ وطاعةٍ، كما قال الشاعر: (٣).

هل أنتَ مُطِيعى أَيُّها القلبُ عَنْوة … ولم تُلْحَ نفسٌ (٤) لم تُلَمْ في احتيالها (٥)

وقال آخرُ (٦):

فما أَخَذُوها عَنْوةً عن مَودَّةٍ … ولكن بضرب (٧) المَشْرَفيِّ (٨) اسْتَقالَها

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾. يقولُ: ذَلَّتْ (٩).


(١) سقط من: م، وفى ت ٢: "به يعنى".
(٢) في ص، م، ف: "كذلك".
(٣) هو كثير عزة، والبيت في ديوانه (مجموع) ص ٩٣.
(٤) في الديوان: "نفسا".
(٥) في م، ت ١: "اختيالها".
(٦) هو كثير عزة أيضا، والبيت في ديوانه ص ٨٠ وفيه: "تركوها" بدل "أخذوها"، و "بحد" بدل "بضرب"، وهو في معاني القرآن للفراء ٢/ ١٩٣ بنفس رواية المصنف.
(٧) في م: "بحد".
(٨) يقال: سيوف مشرفية. نسبة إلى المشارف وهى قرى من أرض اليمن. اللسان (ش ر ف).
(٩) تقدم تخريجه في ص ١٥٤.