للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُقَرِّبُكم من الجنةِ؛ مِن الجهادِ في سبيلهِ، والعملِ بطاعتِه، على (١) الرُّكونِ إلى الدنيا، وما تَجْمَعون فيها مِن حُطامِها الذي هو غيرُ باقٍ لكم، بل هو زائلٌ عنكم (٢)، وعلى تركِ طاعةِ اللهِ ﷿ والجهادِ، فإنَّ ذلك يُبْعِدُكم مِن (٣) ربِّكم، ويُوجِبُ لكم سَخَطَه، ويُقَرِّبُكم من النارِ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال ابن إسحاقَ.

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ﴾: أي ذلك كان، ﴿لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾ أَي: إنَّ إِلى اللهِ المَرْجِعَ، فلا تَغُرَّنَّكم (٤) الدنيا، ولا تَغْتَرُّوا بها، ولْيَكُنِ الجهادُ وما رغَّبَكم اللهُ فيه منه آثَرَ عندَكم منها (٥).

وأُدْخِلَت اللامُ في قولِه: ﴿لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾. لدُخولِها في قولِه: ﴿وَلَئِنْ﴾. ولو كانت اللامُ مُؤَخَّرةً إلى قولِه: ﴿تُحْشَرُونَ﴾. لأُحْدِثَتِ النونُ الثقيلةُ فيه، كما تقولُ في الكلامِ: لئن أَحْسَنْتَ إِليَّ لأُحْسِنَنَّ إِليك. بنونٍ مُثَقَّلةٍ، فكان كذلك قولُه (٦): ولئن مُتُّم أو قُتِلْتم لَتُحْشَرُنَّ إلى اللهِ. ولكن لما حِيل (٧) بين اللامِ وبين ﴿تُحْشَرُونَ﴾ بالصِّفةِ (٨)، أُدْخِلَت في الصِّفةِ، وسلِمَت: ﴿تُحْشَرُونَ﴾ فلم تَدْخُلُها النونُ الثَّقيلةُ، كما تقولُ في الكلامِ: لئن أَحْسَنْتَ إليَّ لَإليك أُحْسِنُ.


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عن".
(٢) في س: "منكم".
(٣) في م، ت ٢: "عن".
(٤) بعده في م: "الحياة".
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٦ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٠٠ (٤٤٠٥) من طريق سلمة به.
(٦) في ص: "وقوله".
(٧) في ص، ت ٢، ت ٣: "حين"، وفى م: "حيز"، وفى ت ١: "جين". والمثبت هو الصواب.
(٨) الصفة: حرف الجر. وهو اصطلاح نحويي الكوفة.