للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى الأقوالِ بالصوابِ عندى في قولِه: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾. أن يكونَ تخييرًا، وأن يكونَ للقاتلِ الخيارُ في تكفيرِه بقتلِه الصيدَ وهو محرمٌ، بأيِّ هذه الكفَّاراتِ الثلاثِ شاء؛ لأن الله تعالى ذكرُه جعَل ما أَوْجَب في قتلِ الصيدِ من الجزاءِ والكفَّارة عقوبةً لفعلِه، وتكفيرًا لذنبِه، في إتلافِه ما أَتْلَف من الصيدِ الذي كان حرامًا عليه إتلافُه في حالِ إحرامِه، وقد كان حلالًا له قبل حالِ إحرامِه، كما جعَل الفدية من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسكٍ في حلقِ الشَّعَرِ الذي حلقه المُحْرِمُ في حالِ إحرامِه، وقد كان له حلقُه قبل حالِ إحرامِه (١)، ثم مُنِع من حلقه في حالِ إحرامِه، نظيرَ الصيدِ، ثم جُعِل عليه إن حلَقه جزاءٌ من حلقِه إياه. فأَجْمَع الجميعُ على أنه في حلقه إيَّاه إذا حلَقه من أذاتِه (٢) مخيَّرٌ في تكفيرِه، فِعْلَه (٣) ذلك بأيِّ الكَفَّارَاتِ الثلاثِ شاء، فمثلُه [فيما نالَه] (٤) إن شاء اللهُ قاتلُ الصيدِ من المُحْرمين، وأنه مخيرٌ في تكفيرِه قتلَه الصيدَ بأيِّ الكفَّارات الثلاثِ شاء، لا فرقَ بينَ ذلك.

ومن أبى ما قلنا فيه، قيل له: حكَم اللهُ تعالى ذكرُه على قاتلِ الصيدِ بالمثلِ من النعمِ، أو كفَّارةٍ طعامِ مساكينَ، أو عدلِه صيامًا، كما حكَم على الحالقِ بفديةِ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسكٍ، فزعَمتَ أن أحدَهما مخيَّرٌ في تكفيرِ ما جُعِل منه عِوَضٌ بأَيِّ الثلاثِ شاء، وأَنْكَرتَ أن يكون ذلك للآخرِ، فهل بينَك وبينَ من عكَس عليك الأمرَ في ذلك، فجعَل الخيارَ فيه حيث أبيتَ، وأبى حيث جعَلتَه له - فرقٌ من أصلٍ أو نظيرٍ؟ فلن يقولَ في أحدِهما قولًا إلا أُلْزِم في الآخرِ مثله.


(١) بعده في ص، ت ١، س: "وقد كان حلالا له قبل حال إحرامِه، كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حالِ إحرامِه، وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه".
(٢) في م: "إيذائه".
(٣) في النسخ: "فعليه". وينظر تعليق الشيخ شاكر.
(٤) في ص، ت ١، ت ٣، س: "فما شا له، وفى م، ت ٢: "إن شاء الله". وأثبتناه كما أثبته الشيخ شاكر.