وإنما عَنى المشركون بقولِهم: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾: إنْ هذا القرآنُ الذي تتلُوه علينا يا محمدُ إلا ما سطَّره الأوّلون وكتَبوه من أخبارِ الأممِ. كأنهم أضافوه إلى أنه أُخِذ عن بني آدمَ، وأنه لم يُوحِه اللهُ إليه.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجَّاجٌ، قال: قال ابنُ جُريجٍ قولَه: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا﴾. قال: كان النضرُ بنُ الحارثِ يختلِفُ تاجرًا إلى فارسَ، فيمرُّ بالعِبادِ (١) وهم يقرَءون الإنجيلَ ويركَعون ويسجُدون، فجاء مكةَ، فوجَد محمدًا ﷺ قد أُنْزِل عليه وهو يركَعُ ويسجُدُ، فقال النَّضْرُ: قد سمِعنا، لو نشاءُ لقلنا مثلَ هذا. للذى سمِع من العِبادِ. فنزَلت: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا﴾. قال: فقصَّ ربُّنا ما كانوا قالوا بمكةَ، وقصَّ قولَهم: ﴿إِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الآية.
حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُدِّيِّ، قال: كان النضرُ بنُ الحارثِ بنِ علقمةَ أخو بني عبدِ الدارِ يختلِفُ إلى الحيرةِ فيسمَعُ سجعَ أهلِها وكلامَهم، فلما قدِم مكةَ سمِع كلامَ النبيِّ ﷺ والقرآنَ، فقال: ﴿قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾.
(١) العباد: قوم من قبائل شتَّى من بطون العرب، نزلوا الحيرة واجتمعوا على النصرانية، فأنفوا أن يتسموا بالعبيد، وقالوا: نحن العباد. اللسان (ع ب د).