للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهَ وحدَه لا شريكَ له، وأَخْلِصوا له العبادةَ دونَ ما سِواه مِن الآلهةِ، فما لكم مِن إلهٍ غيرُه، يَسْتوجِبُ عليكم العبادةَ، ولا تجوزُ الألوهةُ إلا له (١)، ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾. يقولُ: هو ابْتَدَأَ خَلْقَكم مِن الأرضِ، وإنما قال ذلك؛ لأنه خلَق آدمَ مِن الأرضِ، فخرَج الخطابُ لهم؛ إذ كان ذلك فعْلَه بمَن (٢) هم منه، ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾. يقولُ: وجَعَلكم عُمَّارًا (٣) فيها. فكان المعنى فيه: أسْكَنَكم فيها أيامَ حياتِكم، مِن قولِهم: أعْمَرَ فلانٌ فلانًا دارَه، وهي له عُمْرَى (٤).

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾. قال: أعْمَرَكم فيها (٥).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذَيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، [وحدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ، عن ورقاءَ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ] (٦): ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾. يقولُ: أعمَرَكم.

وقولُه: ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ﴾. يقولُ: اعْمَلوا عملًا يكونُ سببًا لسَتْرِ اللَّهِ عليكم


(١) بعده في م: "و".
(٢) في الأصل: "من".
(٣) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، س: "عمارها".
(٤) العُمْرَى: نوع من الهبة، وصورتها أن يقول الرجل: أعمرتك داري هذه، أو هي لك عمرى، أو نحو هذا. سميت عمرى؛ لتقييدها بالعمر. المغنى ٨/ ٢٨١، ٢٨٢.
(٥) تفسير مجاهد ص ٣٨٩، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٤٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٣٨ إلى أبي الشيخ.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.