للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾. قال: جبينِه. قال: أَخَذ جبينَه لِيَذْبَحَه.

حدَّثنا ابنُ سِنانٍ، قال: ثنا حجاجٌ، عن حمادٍ، عن أبي عاصمٍ الغَنَوىِّ، عن أبي الطُّفيْلِ، قال: قال ابنُ عباسٍ: إن إبراهيمَ لما أُمِر بالمناسكِ عرَض له الشيطانُ عندَ المَسْعَى (١) فسابَقَه، فسبَقه إبراهيمُ، ثم ذهَب به جبريلُ إلى جمرةِ العقبةِ، فعرَض له الشيطانُ، فرماه بسبعِ حَصَياتٍ حتى ذهَب، ثم عرَض له عندَ الجمرةِ الوُسْطى، فرماه بسبعِ حَصَياتٍ حتى ذهَب، ثم تلَّه للجبينِ، وعلى إسماعيلَ قميصٌ أبيضُ، فقال له: يا أبتِ، إنه ليس لى ثوبٌ تُكَفِّتُنى فيه غيرَ هذا، فاخْلَعْه [عنِّي، فكفنِّى] (٢) فيه. فالتفت إبراهيمُ، فإذا هو بكبشٍ أَعْيَنَ أبيضَ أقرنَ (٣)، فذبَحه، فقال ابنُ عباسٍ: لقد رأيْتُنا نَتَتَبَّعُ هذا الضَّرْبَ مِن الكِباشِ (٤).

وقولُه: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾. وهذا جوابُ قولِه: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾. ومعنى الكلامِ: فلمَّا أسْلَما وتلَّه للجبينِ نادَيْناه: أن يا إبراهيمُ. وأُدْخِلَت الواوُ فى ذلك كما أُدْخِلَت فى قولِه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: ٧٣]. وقد تَفْعَلُ العربُ ذلك، فتُدْخِلُ الواو في جوابِ "فلما" و"حتى إذا"، وتلقيها.

ويعنى بقولِه: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾. التى أرَيْناكها في منامِك بأمْرِناك بذبحِ ابنِك.


(١) في ص، ت ١: "السعى".
(٢) في م: "حتى تكفنني".
(٣) سقط من: م.
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٧٦ عن محمد بن سنان القزاز به، والطيالسي (٢٨٢٠)، وأحمد ٤/ ٤٣٦ - ٤٣٨ (٢٧٠٧)، والطبراني (١٠٦٢٨)، والبيهقي في الشعب (٤٠٧٧) من طريق حماد بن سلمة به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٨٠ إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.