للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ربُّكم أعلمُ بالمؤمنِ منكم مِن الكافرِ، والمحسنِ منكم مِن المسيءِ، والمطيعِ مِن العاصي، حينَ ابْتَدَعكم مِن الأرضِ فَأَحْدَثكم منها، بخلْقِ أبيكم آدمَ منها، وحينَ ﴿أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾. يقولُ: وحينَ أنتم حَمْلٌ لم تُولَدوا، منكم بأنفسِكم (١) بعدما صِرْتم رجالًا ونساءً.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾. قال: كنحوِ قولِه: ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (٢) [الأنعام: ١١٧، النحل: ١٢٥، القصص: ٥٦، القلم: ٧].

وحدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾. قال: حينَ خلَق آدمَ مِن الأرضِ، ثم خلَقكم مِن آدمَ. وقرَأ: ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ (٣).

وقد بيَّنا فيما مضى قبلُ معنى الجَنِينِ، ولِمَ قيل له: جَنِينٌ. بما أَغْنى عن إعادِته في هذا الموضعِ.

وقولُه: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فلا تشهَدوا لأنفسِكم


(١) في ص، ت ٢، ت ٣: "فأنفسكم"، وفي م: "وأنفسكم". وهي متعلقة بقوله: ربكم أعلم بالمؤمن منكم …
(٢) تفسير مجاهد ص ٦٢٨.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٢٨ إلى المصنف