للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل هم قومٌ جاءوا مِن بعدِ الذين ابْتَدَعوها، فلم يَرْعَوْها حقَّ رِعايتِها؛ لأنهم كانوا كفارًا، ولكنهم قالوا: نَفْعَلُ كالذي كانوا يفعلون من ذلك [أوَّليًّا. فهم] (١) الذين وصَف اللَّهُ بأنهم لم يَرْعَوْها حقَّ رِعايتِها.

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ هذه الأحرفِ إلى الموضعِ الذي ذكَرْنا أنَّ أهلَ التأويلِ فيه مختلِفون في ذلك، قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً﴾. فهاتان مِن اللَّهِ. والرهبانيةُ ابْتَدَعها القومُ مِن أنفسِهم، ولم تُكتَبْ عليهم، ولكن ابْتَغُوا بذلك وأرادوا رِضْوانَ اللَّهِ، ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾: ذُكِر لنا أنهم رفَضوا النساءَ، واتَّخَذُوا الصَّوامِعَ (٢).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾. قال: لم تُكتَبْ عليهم، ابْتَدَعُوها ابتغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾. قال: فلِمَ؟ قال: ابْتَدَعوها ابتغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ تَطَوُّعًا، فما رَعَوْها حقَّ رِعايتِها (٤).


(١) في ت ٢، ت ٣: "أولياؤهم".
(٢) ذكره الطوسي في التبيان ٩/ ٥٣٥، والقرطبي في تفسيره ١٧/ ٢٦٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٧٦ عن معمر به.
(٤) ذكره الطوسي في التبيان ٩/ ٥٣٥.