للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقولُ: "أَتَرى بما أقولُه بأسًا؟ "، فيقولُ: لا. ففى هذا أُنزِلت: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾. قال: بينا رسولُ اللهِ يُناجي عتبةَ بنَ ربيعةَ وأبا جهلِ بنَ هشامٍ والعباسَ بنَ عبدِ المطلبِ، وكان يتصدَّى لهم كثيرًا، وجَعَل (٢) عليهم أنْ يؤمنوا، فأقبَل إليه رجلٌ أعمَى، يقال له: عبدُ اللَّهِ ابنُ أمِّ مكتومٍ. يمشِى، وهو يناجيهم، فجعَل عبدُ اللَّهِ يستقرئُ النبيَّ آيةً مِن القرآنِ، وقال: يا رسولَ اللَّهِ، علِّمني مما علَّمك اللَّهُ. فأعرَض عنه رسولُ اللَّهِ ، وعبَس في وجههِ وتولَّى، وكرِه كلامَه، وأقبَل على الآخرِين، فلما قضى رسولُ اللَّهِ وأخَذ ينقلِبُ إلى أهلِه، أمسَك اللَّهُ بعضَ بصرِه، ثم خَفَق برأسِه، ثم أنزَل اللَّهُ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾. فلما نزَل فيه أكرَمه رسولُ اللَّهِ وكلَّمه، وقال له: "ما حاجتُك، هل تريدُ مِن شيءٍ؟ ". وإذا ذهَب مِن عندِه قال له: "هل لك حاجةٌ في شيءٍ؟ " وذلك لما أنزَل اللَّهُ: ﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ (٣).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن هشامٍ، عن أبيه، قال: نزَلت في ابن أمِّ


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٤٣ عن المصنف، وأخرجه الترمذى (٣٣٣١)، وأبو يعلى (٤٨٤٨) - ومن طريقه الواحدى في أسباب النزول ص ٣٣٢ - والحاكم ٢/ ٥١٤ من طريق سعيد به، وأخرجه ابن حبان (٥٣٥) من طريق هشام به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٤ إلى ابن المنذر وابن مردويه.
(٢) في م: "يحرص". والمثبت من النسخ موافق لما في مصادر التخريج، و"جعل": لفظ عام في الأفعال كلها. ينظر التاج (ج ع ل).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه في تفسيريهما - كما في تخريج الكشاف للزيلعي ٤/ ١٥٥، ١٥٦ - عن محمد بن سعد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور - كما في المخطوطة المحمودية ص ٤٤٢ - إلى ابن المنذر، وقال ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٤٣: وفيه غرابة ونكارة، وقد تكلم في إسناده.