للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: إن ربَّكم اللهُ الذي خَلَقَ السماواتِ والأرضَ والشمسَ والقمرَ والنجومَ مسخراتٍ بأمرِه، وهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نَشْرًا بِينَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ.

و"النَّشْرُ"، بفتحِ النونِ وسكونِ الشينِ في كلامِ العربِ، مِن الرياحِ، الطيِّبةِ اللينةِ الهُبوبِ، التي تُنْشِئُ السحابَ، وكذلك كلُّ ريحٍ طيِّبةٍ عندَهم فهو (١) نَشْرٌ، ومنه قولُ امرئِ القيسِ (٢):

كأَنَّ المُدَامَ (٣) وَصَوْبَ الغَمَامِ … وَرِيحَ الخُزَامَى (٤) ونَشْرَ القُطُرْ (٥)

وبهذه القراءةِ قرَأ ذلك عامةُ قرَأةِ الكوفيِّين (٦)، خلا عاصمِ بن أبي النَّجودِ، فإنه كان يقرؤُه: ﴿بُشْرًا﴾ على اختلافٍ عنه فيه، فرَوَى ذلك بعضُهم عنه: ﴿بُشْرًا﴾ بالباءِ وضَمِّها وسكون الشينِ (٧)، وبعضُهم بالباءِ وضَمِّها وضمِّ الشينِ معها (٨). وكان يتأوَّلُ في قراءتِه ذلك كذلك قولَه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ﴾ [الروم: ٤٦]. [وأنه جَمْعُ بشيرٍ، تُبَشِّرُ بالمطرِ جُمِع بُشُرًا] (٩)، كما يُجْمَعُ النذيرُ نُذُرًا.

وأما قرَأَةُ المدينةِ وعامةُ قرأةِ المكيِّين والبصريِّين، فإنهم قَرَءوا ذلك: (وَهُوَ الَّذى


(١) في م: "فهى".
(٢) ديوانه ص ١٥٧.
(٣) المُدَام، والمُدامة: الخمر، لسان العرب (د و م).
(٤) الخزامى: نبت طيب الريح. لسان العرب (خ ز م).
(٥) القطر: رائحة العود. لسان العرب (ق ط ر).
(٦) وهي قراءة حمزة والكسائى وخلف، وقرأ ابن عامر بضم النون وسكون الشين. النشر ٢/ ٢٠٢.
(٧) وهى رواية حفص وأبى بكر. ينظر المصدر السابق.
(٨) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف، وهذه القراءة ذكرها عنه في المحتسب ١/ ٢٥٥، والبحر المحيط ٤/ ٣١٦، وقرأ بها ابن عباس والسلمي وابن أبي عبلة.
(٩) في م: "تبشر بالمطر وأنه جمع بشير بشرا".