للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فيجابون بأن يُقالَ لهم: ارجِعوا من حيثُ جئتُم، واطلُبوا لأنفسِكم هنالك نورًا، فإنه لا سبيلَ لكم إلى الاقتباسِ من نورِنا.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنُ عباسٍ قولَه: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ﴾ إلى قولِه: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾. قال ابنُ عباسٍ: بينما الناسُ في ظُلْمةٍ، إذ بعَث اللَّهُ نورًا؛ فلما رأى المؤمنون النورَ توجَّهوا نحوَه، وكان النورُ دليلًا من اللَّهِ إلى الجنةِ؛ فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطَلَقوا تبِعوهم، فأظلَم اللَّهُ على المنافقين، فقالوا حينَئذٍ: انظُرُونا نَقْتَبِسْ من نورِكم، فإنا كنَّا معكم في الدنيا. قال المؤمنون: ارجِعوا من حيثُ جئتُم من الظلمةِ، فالتَمِسوا هنالك النورَ (١).

حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أَخْبَرنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية: كان ابنُ عباسٍ يقولُ: بينَما الناسُ في ظلمةٍ. ثم ذكَر نحوَه (٢).

وقولُه: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فضرَب اللَّهُ بينَ المؤمنين والمنافقين بسُورٍ؛ وهو حاجزٌ بين أهلِ الجنةِ وأهلِ النارِ.


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٨/ ٣٥، وابن كثير في تفسيره ٨/ ٤٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧٣ إلى المصنف وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٤٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧٣ إلى ابن مردويه.