للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: فوقَ حرفِها. يقالُ: هذا شفَا هذه الرَّكيِّةِ، مَقصورٌ، وهما شفَواها.

وقال: ﴿فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾. يعنى (١): فأنقَذكم من الحفرة. فردَّ الخبرَ إلى الحفرةِ، وقد ابتدَأ الخبرَ عن الشَّفَا؛ لأن الشَّفا من الحفرةِ، فجاز ذلك، إذ كان الخبرُ عن الشفا على السبيل التي ذكَرَها في هذه الآية خبرًا عن الحفرةِ، كما قال جريرُ بنُ عطية (٢):

رَأَتْ مرَّ السنينَ أَخَذْنَ منى … كما أخَذ السّرارُ (٣) من الهلالِ

فذكر "مرَّ السنين"، ثم رجَع إلى الخبرِ عن السنينَ، وكما قال العجاجُ (٤):

طُولُ اللَّيالي أَسْرَعَتْ في نَقْضِى

طَوَيْنَ طُولى وطوين عرضى

وقد بيَّنتُ العلةَ التي مِن أجلها قيل ذلك كذلك فيما مضى قبل (٥).

وبنحو الذي قلنا في ذلك من التأويل قال أهلُ التأويل.


= سجلة فقال: بئر احتفرها قصى بمكة، وقال:
أنا قصى وحفرت سَجْلَهْ
تُرْوى الحَجيج زُغْلَةً فَزُغْلَهُ
وقيل: بل حفرها هاشم، ووهبها أسد بن هاشم لعدى بن نوفل، وفى ذلك تقول خالدة بنت هاشم:
نحن وهبنا لعدى سَجْلَهْ
تُرْوِى الحجيجَ زُغْلَةً فَزُغْلَهْ
(١) بعده في ص: "فأنقذكم منها".
(٢) شرح ديوان جرير ص ٥٤٦. وتفسير الآية ٣٣ من سورة الرعد.
(٣) السرار بكسر السين وفتحها: آخر ليلة من الشهر، يستمر الهلال بنور الشمس. وينظر التاج (س ر ر) والمراد في البيت نقصان القمر حتى يبلغ أن يكون هلالا.
(٤) وكذا نسبه إليه سيبويه في الكتاب ١/ ٥٣، ونسبه أبو حاتم في المعمرين ص ١٠٨، وأبو الفرج في الأغانى ٢١/ ٢٨ إلى الأغلب العجلى، وفى روايته اختلاف، وينظر الخزانة ٤/ ٢٢٤ - ٢٢٦.
(٥) ينظر ما تقدم في ٤/ ٢٤٧، ٢٤٨.