للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكتابِكم الذى تَقْرَءُونَ، هل تَجِدُونى (١) قد بشَّر بى عيسى أن يَأْتِيَكم رسولٌ اسمُه أحمدُ؟ " فقالوا: اللهمَّ نعم (٢)، وجَدْناك في كتابِنا، ولكنَّا كرِهْناك لأنَّك تَسْتَحِلُّ الأموالَ وتُهَرِيقُ الدِّماءَ. فأنزَل اللهُ: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ﴾. الآية (٣).

وحدِّثتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن حصينِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى، قال: إنَّ يهوديًّا لقِى عمرَ فقال له: إنَّ جبريلَ الذى يَذْكُرُه صاحبُك هو عدوٌّ لنا. فقال له عمرُ: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾. قال: فنزَلتْ (٤) على لسانِ عمرَ (٥).

وهذا الخبرُ يدلُّ على أنَّ اللهَ تعالى ذكرُه أنزَل هذه الآيةَ توبيخًا لليهودِ فى كفرِهم بمحمدٍ ، وإخبارًا منه لهم أن من كان لمحمدٍ عدوًّا فاللهُ له عدوٌّ، وأنَّ عدوَّ محمدٍ مِن الناسِ كلِّهم مِن الكافرين باللهِ الجاحِدين آياتِه.

فإن قال قائلٌ: أوَ ليس جبريلُ وميكائيلُ مِن الملائكةِ؟ قيل: بلى. فإن قال: فما معنى تَكريرِ ذِكرِهما بأسمائهما وقد مضَى ذِكرُهما في الآية في جملةِ أسماءِ الملائكةِ؟ قيل: معنى إفرادِ ذكرِهما بأسمائِهما أن اليهودَ لمَّا قالت: جبريلُ عدوُّنا وميكائيلُ وليُّنا. وزعَمتْ أنَّها تكْفُرُ (٦) بمحمدٍ مِن أجلِ أن جبريلَ صاحبُ محمدٍ ، أعلَمهم اللهُ أن من كان لجبريلَ عدوًّا، فإنَّ اللهَ له عدوٌّ، وأنَّه مِن


(١) في م: "تجدون به" وفى ت ١، ت ٢: "تجدونه"، وفى ت ٣: "تجدون".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) عزاه السيوطى في الدر المنثور ١/ ٩١ إلى المصنف.
(٤) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فنزل".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٨٢ (٩٦١) من طريق أبى جعفر به.
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كفرت".