للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدَّثَنِي المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا قَبِيصةُ، قال: حَدَّثَنَا سفيانُ، عن مجاهدٍ مثلَه (١).

وحدَّثَنِي المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا أبو حذيفةَ، قال: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: وأنتم تعلَمون أنه لا نِدَّ له في التوراةِ والإنجيلِ.

قال أبو جعفرٍ: وأحسَبُ أن الذي دعا مجاهدًا إلى هذا التأويلِ، وإضافةِ ذلك إلى أنه خطابٌ لأهلِ التوراةِ والإنجيلِ دونَ غيرِهم، الظنُّ منه بالعربِ أنَّها لَمْ تكُنْ تعلَمُ أن اللهَ خالِقُها ورازِقُها بجحودِها وحدانيةَ رَبِّها، وإشراكِها معه في العبادةِ غيرَه، وإن ذلك لقولٌ، ولكنَّ اللهَ جلَّ ذكرُه قد أَخْبَر في كتابِه عنها أنَّها كانت تُقِرُّ بوحدانيتِه، غيرَ أنَّها كانت تُشرِكُ في عبادتِه ما كانت تُشركُ فيها، فقال تعالى ذِكرُه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]. وقال تعالى ذِكرُه: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١)[يونس: ٣١].

قال أبو جعفرٍ: والذي هو أَوْلى بتأويلِ قولِه: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ - إذ كان ما كان عندَ العربِ مِن العلمِ بوحدانيةِ اللهِ جلَّ وعزَّ، وأنه مُبدِعُ الخلقِ وخالِقُهم ورازِقُهم، نظيرَ الذي كان مِن ذلك عندَ أهلِ الكتابَيْن، ولم يكنْ في الآيةِ دَلالةٌ على أنَّ اللهَ عَنى بقولِه: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أحدَ الحزبَيْن، بل مَخرَجُ الخِطابِ بذلك عامٌّ للناسِ كافَّةً (٢)؛ لأنه تحدَّى الناسَ كلَّهم بقولِه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ


(١) تفسير الثوري ص ٤٢. وهذا الأثر تتمة الأثر المتقدم في ص ٣٩١.
(٢) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢: "لهم".