للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخوانهم، أو عشيرتَهم. وإنما أخبرَ اللهُ جلّ ثناؤُه نبيَّه بهذه الآيةِ أنَّ الذين تولَّوا قومًا غَضِب اللهُ عليهم ليسوا مِن أهلِ الإيمانِ باللهِ ولا باليومِ الآخرِ، فلذلك تولَّوُا الذين تولَّوْهم مِن اليهودِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾. أي: مَن عادى اللَّهَ ورسولَه (١).

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: هؤلاءِ الذين لا يُوادُّون مَن حادَّ اللهَ ورسولَه ولو كانوا آباءَهم، أو أبناءَهم، أو إخوانَهم، أو عشيرتَهم - كتب اللهُ في قلوبِهم الإيمانَ.

وإنما عُنِي بذلك: قضَى لقلوبِهم الإيمانَ. فـ "في" بمعنى اللامِ، وأخبَر تعالى ذكرُه أنه كتَب في قلوبِهم الإيمانَ لهم، وذلك لمَّا كان الإيمانُ بالقلوبِ، وكان معلومًا بالخبرِ عن القلوبِ أن المرادَ به أهلُها، اجْتُزِئَ بذكرِها مِن ذكرِ أهلِها.

وقولُه: ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾. يقولُ: وقوَّاهم ببرهانٍ منه ونورٍ وهُدًى، ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. يقولُ: ويُدْخِلُهم بساتينَ تَجْرِي مِن تحتِ أشجارِها الأنهارُ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾. يقولُ: ماكِثين فيها أبدًا، ﴿﴾ بطاعتِهم إيَّاه في الدنيا، ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ في الآخرةِ بإدخالِه إيَّاهم الجنةَ، ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾. يقولُ: أولئك الذين هذه صفتُهم جندُ اللهِ


(١) تقدم تخريجه ص ٤٦٦.