للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفَروا وماتوا وهم كفارٌ، ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يقولُ: لهم عندَ اللهِ في الآخرةِ عذابٌ مُوجِعٌ، ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾. يعنى: وما لهم من قريبٍ ولا حميمٍ ولا صديقٍ يَنْصُرُه فيَسْتَنقِذَه من اللهِ ومن عذابِه، كما كانوا يَنْصُرونه في الدنيا على مَن حاول أذَاه ومَكْرُوهَه.

وقد حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: ثنا أَنسُ بنُ مالكٍ، أن نبيَّ اللهِ كان يقولُ: "يُجَاءُ بالكافرِ يومَ القيامةِ فيُقالُ له: أرأيتَ لو كان لكَ مِلءُ الأرضِ ذَهَبًا، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا به؟ فيقولُ: نعم، قال فيُقالُ: لقد سُئِلتَ ما هو أيسَرُ مِن ذلك". فذلك قولُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ﴾ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سِنانٍ، قال: ثنا أبو بكرٍ الحنفيُّ، قال: ثنا عَبَّادٌ، عن الحسنِ، قولَه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا﴾. قال: هو كلُّ كافرٍ (٢).

ونُصِب قولُه: ﴿ذَهَبًا﴾ على الخروجِ من المقدارِ الذي قبلَه والتفسيرِ (٣) منه، وهو قولُه: ﴿مِلْءُ الْأَرْضِ﴾. كقولِ القائلِ: عندى قَدْرُ زِقٍّ سَمْنًا، وقَدْرُ رَطْلٍ عَسَلًا. فالعسلُ (٤) مُبَيَّنٌ (٥) به ما (٦) ذُكِر من المقدارِ، وهو نكرةٌ منصوبةٌ على التفسيرِ


(١) أخرجه أحمد ٢١/ ١٧، ٤٧١ (١٣٢٨٨، ١٤١٠٧)، وعبد بن حميد (١١٧٩)، والبخارى (٦٥٣٨)، ومسلم (٢٨٠٥)، وأبو يعلى (٢٩٢٦، ٢٩٧٦، ٣٠٢١)، وابن حبان (٧٣٥١)، والبيهقي في البعث (٩١، ٩٢) من طريق سعيد بن أبي عروبة به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٧٠٢ (٣٨٠٦) من طريق أبي بكر الحنفى به.
(٣) التفسير: التمييز. وينظر ما تقدم في ٢/ ٢٤٣.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "بالعسل".
(٥) في ت ١، س: "يبين". والمبين: المميز. ينظر شرح التسهيل ١/ ٣٧٩.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، س: "عما".