للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٢٧]. وأنزَل في المُنافِقين: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ﴾. إلى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾. فإذا لَقِيتَ الحسنَ فأَقْرِئْه السلامَ، وأخبِرْه بأصلِ هذا الحديثِ وبما قلتُ لك. قال: فقَدِمتُ على الحسنِ، فقلتُ: يا أبا سعيدٍ، إن أخاك عطاءً يُقْرِئُك السلامَ. فأخبرتُه بالحديثِ الذي حَدَّثَ وما قال لى. فَأَخَذَ الحَسنُ بيَدِى فأشالها (١)، وقال: يا أهلَ العراقِ، أَعَجَزْتُم أن تكونوا مثل هذا؟ سَمِعَ منى حديثًا فلم يَقْبَلْه حتى اسْتَنْبَطَ أصلَه، صَدَقَ عطاءٌ، هكذا الحديثُ، وهذا في المُنافقين خاصةً (٢).

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، قال: أخبرَنا يعقوبُ، عن الحسنِ، قال: قال رسولُ اللهِ : "ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه، وإن صَلَّى وصامَ وزَعَمَ أنه مسلمٌ، فهو مُنافِقٌ". فقيل له: ما هي يا رسولَ اللهِ؟ فقال النبيُّ : "إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإِذا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإِذا ائْتُمِنَ خَانَ".

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، قال: ثنا مُبَشِّرٌ (٣)، عن الأوزاعيِّ، عن هارونَ بن رئابٍ، عن عبدِ اللهِ بن عمرِو بن وائلٍ، أنه لمَّا حَضَرَتْه الوفاةُ قال: إن فلانًا خَطَبَ إليَّ ابْنَتى، وإنى كنتُ قلتُ له فيها قولًا شَبِيهًا بالعِدَةِ، واللهِ لا ألقَى الله بثُلُثِ النفاقِ، وأُشْهِدُكم أني قد زَوَّجتُه (٤).

وقال قومٌ: كان العهدُ الذي عاهَدَ الله هؤلاء المُنافِقون، شيئًا نَوَوْه في أنفسِهم ولم يَتَكَلَّموا به.


(١) في م: "فأمالها" وأشال يده: رفعها. اللسان (ش و ل).
(٢) ينظر ما تقدم تخريجه في ص ٢١٢.
(٣) في م، ف: "ميسرة"، وفى ت ١: "ميسر". وينظر تهذيب الكمال ٢٧/ ١٩٠.
(٤) أخرجه الفريابي في صفة النفاق (١٨) من طريق الأوزاعي به.