للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفَرَزْدَقُ (١):

بما في فؤادَيْنا من الشوقِ (٢) والهوى … فَيَبْرَأُ مُنْهاضُ الفؤادِ المُشَغَّفُ (٣)

غيرَ أن ذلك وإن كان مقولًا، فأفصحُ منه: بما في أفئدتِنا. كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤].

فلمَّا كان ما وصَفتُ مِن إخراجِ كلِّ ما كان في الإنسانِ واحدًا إذا ضُمَّ إلى الواحدِ منه آخرُ مِن إنسانٍ آخرَ، فصارا اثنين مِن اثنين، بلفظِ (٤) الجمعِ (٥)، أفصحَ في منطقِها، وأشهرَ في كلامِها، وكان الأخوان شخصين، كلُّ واحدٍ منهما غيرُ صاحبِه مِن نفسَيْن مختلفينِ، أشبَه معنياهما (٦) معنى ما كان في الإنسانِ مِن أعضائِه واحدًا لا ثانيَ له، فأُخرِج اثناهما (٧) بلفظِ اثْنَى (٨) العضوَيْن اللذين وصَفتُ، فقيل: إخوةٌ. في معنى الأخَوَين، كما قيل ظهورٌ في معنى الظهرين، وأفواهٌ في معنى فموين، وقلوبٌ في معنى قلبين.

وقد قال بعضُ النحويين: إنما قيل إخوة لأن أقلَّ الجمعِ اثنان، وذلك [أن ذلك] (٩) ضَمُّ شيءٍ إلى شيءٍ صارا جميعًا (١٠) بعدَ أن كانا فردَيْن، فَجُمِعا لِيُعْلَمَ أَن الاثنين جمعٌ.


(١) ديوانه ص ٥٥٤.
(٢) في م: "الحب"، وفى الديوان: "الهم".
(٣) في الديوان: "المسقف". والمشغف: هو الذي شغفه الحب إذا بلغ شغاف قلبه.
(٤) في م: "فلفظ".
(٥) في ص، س: "الجميع".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "معناهما".
(٧) في م: "أنثييهما".
(٨) في م: "أنثى".
(٩) في م: "أنه إذا".
(١٠) في ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "جمعا".