للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك ليَشْغَلَ الناسَ عن الحديثِ الذي كان بالأمسِ، مِن حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ أبيٍّ، ثم راح بالناسِ، وسلَك الحجازَ، حتى نزَل على ماءٍ بالحجازِ فُوَيْقَ النَّقيعِ (١)، يقالُ له: نقعاءُ (٢). فلمَّا راح رسولُ اللَّهِ هبَّت على الناسِ ريحٌ شديدةٌ آذَتْهم وتخَوَّفوها، فقال رسولُ اللَّهِ : "لا تخافوا فإنما هبَّت لموتِ عظيمٍ مِن عُظماءِ الكفارِ". فلمَّا قدِموا المدينةَ وجَدوا رفاعةَ بنَ زيدِ بنِ التابوتِ أحدَ بني قَيْنُقاعَ، وكان من عظماءِ، يهودَ، وكهفًا للمنافقين، قد مات ذلك اليومَ، نزَلَت السورةُ التي ذكَر اللَّهُ فيها المنافقين في عبدِ اللَّهِ بنِ أبيٍّ ابنِ سَلولَ، ومَن كان معه على مثلِ أمرهِ، فقال: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾، فلمَّا نزَلَت هذه السورةُ أخَذ رسولُ اللَّهِ بأذنِ زيدٍ فقال: "هذا الذي أَوْفَى اللَّهُ بأُذُنِه". وبلَغ عبدَ اللَّهِ بنَ عبدِ اللَّهِ بنِ أبيٍّ الذي كان مِن أبيه (٣).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن عاصمِ بنِ عمرَ بنِ قتادةَ، أن عبدَ اللَّهِ بنَ عبدِ اللَّهِ بنِ أبيٍّ أتَى رسولَ اللَّهِ ، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، إنه بلَغني أنك تُريدُ قتلَ عبدِ اللَّهِ بن أبيٍّ فيما بلَغك عنه، فإن كنتَ فاعلًا، فمُرْني به، فأنا أَحْمِلُ إليك رأسَه، فواللَّهِ لقد علِمَت الخزرجُ ما كان لها (٤) رجلٌ أبرَّ بوالدِه مني، وإني أخْشَى أن تَأْمُرَ به غيري (٥) فيَقْتُلَه، فلا تَدَعُني نفسي أن أَنْظُرَ إلى قاتلِ عبدِ اللَّهِ بنِ أبيٍّ يَمْشِي في الناسِ فأَقْتُلَه، فأَقْتُلَ مؤمنًا بكافرٍ، فأَدْخُلَ


(١) النقيع: موضع بين مكة والمدينة. معجم ما استعجم ٤/ ١٣٢٣.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣، ومصدر التخريج: "بقعاء". ونقعاء موضع خلف المدينة فوق النقيع من ديار مزينة وكان طريق رسول الله في غزوة بني المصطلق. ينظر معجم البلدان ٤/ ٨٠٥.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢.
(٤) في م، ت ١: "فيها".
(٥) في م، ت ٢: "غيره".