للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾. قال: فُرقة والله لا اجتماع بعدها (١).

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ بالله ورسوله، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ: وعملوا بما أمرهم الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه، ﴿فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾. يقولُ: فهم في الرياحين والنباتات (٢) الملتفَّةِ، وبين أنواع الزهرِ في الجنانِ، يُسَرُّون، ويُلَذَّذون بالسماع، وطيب العيش الهنيِّ. وإنما خَصَّ جلَّ ثناؤه ذكرَ الروضة في هذا الموضع؛ لأنَّه لم يكن عند الطرفين أحسنُ منظرًا، ولا أطيبُ نَشْرًا (٣) من الرياض، ويدلُّ على أن ذلك كذلك، قولُ أعشَى بنى ثعلبة (٤):

ما رَوْضَةٌ مِن رِياضِ الحَزْنِ (٥) مُعْشِبَةٌ … خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْها مُسْبِلٌ هَطِلُ (٦)

يُضَاحِكُ الشَّمسَ مِنهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ … مُؤَذِّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ (٧)


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٣١٣، وأبو حيان في البحر المحيط ٧/ ١٦٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٥٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢: "النبات".
(٣) النشر: الريح الطيبة؛ القاموس المحيط (ن ش ر).
(٤) ديوانه ص ٥٧.
(٥) في م، ت ٢، ف: "الحسن". والحزن: ما غلظ من الأرض في ارتفاع. اللسان (ح ز ن).
(٦) السبل بالتحريك: المطر، وقيل: المطر المسبل. اللسان (س ب ل) والهطل: تتابع المطر والدمع وسيلانه. ومطر هطل: كثير الهطلان. الصحاح (هـ ط ل).
(٧) قال صاحب اللسان: وقول الأعشى: يضاحك الشمس. معناه: يدور معها، ومضاحكته إياها حسن له ونضرة، والكوكب: معظم النبات، والشرق: الريان الممتلئ ماء، والمؤزر: الذي صار النبات كالإزار له، والعميم: النبت الكثيف الحسن وهو أكثر من الجميم. يقال: نبت عميم ومعتم وعمم. واكتهلت الروضة: إذا عمها نبتها. اللسان (ك هـ ل).