للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. يَقُولُ: ومَن يَأْمُرْ بصدقةٍ أو معروفٍ مِن الأمرِ (١)، أو يُصْلِحْ بينَ الناسِ ﴿ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾، يَعْنى: طلبَ رَضا اللَّهِ بفعلِه ذلك، ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. يَقُولُ: فسوف نُعْطِيه جزاءً لما فعل مِن ذلك أجْرًا (٢) عظيمًا، ولا حدَّ لمبلغِ ما سمَّى اللهُ عظيمًا يَعْلَمُه سواه (٣).

واختلَف أهلُ العربيةِ في مَعْنَى قولِه: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: معنى ذلك: لا خيرَ في كثيرٍ من نجواهم إلا في نجوى مَن أمَر بصدقةٍ، كأنه عطَف بـ"مَن" على "الهاءِ والميمِ" التي في ﴿نَجْوَاهُمْ﴾. وذلك خطأٌ عندَ أهلِ العربيةِ؛ لأن "إلا" لا تُعْطَفُ على "الهاءِ والميمِ" في مثلِ هذا الموضعِ مِن أجلِ أنه لم يَنَلْه الجحدُ.

وقال بعضُ نحوييِّ الكوفةِ: قد تَكُونُ "من" (٤) في موضعِ خفضٍ ونصبٍ. أما الخفضُ فعلى قولِك: لا خيرَ في كثيرٍ مِن نجواهم إلا فيمن أمَر بصدقةٍ. فتَكُونُ النَّجْوى على هذا التأويلِ: هم الرجالُ المناجُون، كما قال جلَّ ثناؤه: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة: ٧]. وكما قال ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ [الإسراء: ٤٧]. وأما النصبُ، فعلى أن تَجْعَل النجوى فعلًا (٥) فيَكُونَ نصبًا؛ لأنه حينَئذٍ يَكُونُ (٦) استثناءً منقطعًا؛ لأن (٧) "مَن" خلافُ "النجوى"، فيَكُونُ


(١) في الأصل: "الأمراء".
(٢) سقط من: الأصل، ص، م، ت ١، ت ٢.
(٣) في الأصل: "سواء".
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س.
(٥) يقصد بـ "فعلًا" مصدرًا، يعني مناجاتهم.
(٦) في الأصل: "قد يكون".
(٧) في الأصل: "لا"، وفى م: "لأنه".