للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقولُ في الكلام: أتيتُك (١) أَنْ حَرَمْتَنى. تريدُ: إِذ حَرَّمْتَنى. وتَكْسِرُ إِذا أَردْتَ: أتيتُك إن تَحْرِمْنى. قال: ومثلُه: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ﴾ [المائدة: ٢]. و: (إِنْ صَدُّوكُمْ). يُكْسَرُ، ويُفْتحُ، وقوله: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ [الكهف: ٦]. [و (أن لم يؤمنوا)] (٢). قال: والعربُ تُنْشِدُ قول الفرزدق (٣):

أَتَجْزَعُ أَنْ أُذْنَا قُتَيْبَةَ حُزَّتا … جهارًا ولَمْ تَجْزَعْ لَقَتْلِ ابن حَازِمِ

قال: ويُنْشَدُ (٤):

أتَجْزَعُ أَنْ بانَ الخَلِيطُ المُوَدِّعُ … وَحَبْلُ الصَّفا مِنْ عَزَّةَ المُتَقَطِّعُ

قال: وفي كلِّ واحدٍ من البيتين ما في صاحبه، من الكسر والفتح.

والصواب من القول في ذلك عندنا أن الكسر والفتح في الألف في هذا الموضع قراءتان مشهورتان في قرأَةِ الأمصار، صحيحتا المعنى، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ، وذلك أن العرب إذا تقدَّم "أن" - وهى بمعنى الجزاء - فعلٌ مستقبلٌ كسروا ألِفَها أحيانًا فمحَّضوا لها الجزاء، فقالوا: أقومُ إن قمْتَ. وفتحوها أحيانًا وهم ينوون ذلك المعنى، فقالوا: أقوم أن قمتَ. بتأويل: لأن قمتَ. فإذا كان الذي تقدمها من الفعل ماضيا لم يتكلَّموا إلَّا بفتح الألفِ مِن "أَنْ" فقالوا: قمتُ أَنْ قمتَ. وبذلك جاء التنزيلُ وتتابع شعرُ الشعراء.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أتيت"، وفى معاني القرآن: "أسبُّك".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. وينظر معاني القرآن ٣/ ٢٧.
(٣) ديوانه ص ٨٥٥.
(٤) معاني القرآن للفراء ٢/ ١٣٤، ٣/ ٢٨.