للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عكرمةَ يقولُ في قولِه: ﴿وَتَزَوَّدُوا﴾. قال: هو السَّويقُ والدقيقُ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾. قال: كانت قبائلُ مِن العربِ يُحَرِّمون الزادَ إذا خرَجوا حُجَّاجًا وعُمَّارًا؛ [إلا أن] (٢) يَتضيَّفوا الناسَ، فقال اللَّهُ لهم: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ (٣).

حدَّثنا عمرُو بنُ عبدِ الحميدِ الآمُليُّ، قال: ثنا سفيانُ، عن عمرٍو، عن عِكرمةَ، قال: كان الناسُ يقدَمون مكةَ بغيرِ زادٍ، فأنزَل اللَّهُ: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ (٤).

فتأويلُ الآيةِ إذن: فمَن فرَض في أشهرِ الحَجِّ الحَجَّ فأحرَم فيهن، فلا يَرْفُثَنَّ ولا يَفْسُقَنَّ، فإنَّ أمْرَ الحَجِّ قد استقام لكم، وعرَّفكم ربُّكم ميقاتَه وحدودَه، فاتَّقُوا اللَّهَ فيما أمَركم به ونَهاكم عنه من أمرِ حَجِّكم ومناسكِكم، فإنكم مهما تفعَلوا من خيرٍ أمَركم به، أو ندَبكم إليه يعلَمْه، وتزوَّدوا من أقواتِكم ما فيه بلاغُكم إلى أداءِ فرضِ ربِّكم عليكم في حَجِّكم ومناسكِكم؛ فإنَّه لا بِرَّ للهِ في تركِكم التزوُّدَ لأنفسِكم ومسألتِكم الناسَ، ولا في تَضْييعِ أقواتِكم وإفسادِها، ولكنَّ البرَّ في تقوى ربِّكم باجتنابِ ما نهاكم عنه في سفرِكم لحَجِّكم، وفعلِ ما أمَركم فيه (٥)، فإنه خيرُ الزادِ، فمنه تزوَّدُوا.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٧٧.
(٢) في م: "لأن"، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "لا".
(٣) ينظر المحرر الوجيز ١/ ٥٥٧.
(٤) أخرجه سفيان بن عيينة - كما في الدر المنثور ١/ ٢٢١ - ومن طريقه ابن أبي شيبة ص ٢٤٧ (القسم الأول من الجزء الرابع).
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "به".