للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: كأن طَلْعَ هذه الشجرة -يعنى شجرةَ الزقومِ- في قُبْحِه وسَماجتِه (١) رءوسُ الشياطينِ في قُبْحِها.

وذُكر أن ذلك فى قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (إنها شجرةٌ نابتةٌ فى أصلِ الجحيمِ) (٢).

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾. قال: شبَّهه بذلك (٣).

فإن قال قائلٌ: وما وجه تشبيهه طَلْعَ هذه الشجرة برءوسِ الشياطينِ في القُبْح، ولا علمَ عندنا بمبلغ قبح رءوسِ الشياطينِ، وإنما يُمَثَّلُ الشيءُ بالشيءِ، تعريفًا مِن المُمثِّلِ المُمثَّلَ له، قربَ (٤) اشتباه الممثَّل أحدِهما بصاحبهِ، مع معرفةِ المُمَثَّلِ له الشيئين كليهما، أو أحدَهما. ومعلومٌ أن الذين خُوطِبوا بهذه الآية من المشركين، لم يكونوا عارفين بشجرةِ الزَّقُّومِ، ولا برءوسِ الشياطينِ، ولا كانوا رأَوْهما، ولا واحدًا منهما؟

قيل له: أما شجرة الزقُّومِ فقد وصَفَها اللهُ تعالى ذكرُه لهم وبيَّنها، حتى عرَفوها ما هى، وما صفتُها، فقال لهم: ﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾، فلم يَتْرُكْهم فى عَماءٍ منها. وأما في تمثيله طلعَها برءوسِ الشياطينِ، [فأقوالٌ لكلٍّ منها وجهٌ مفهومٌ. أحدُها: أن يكونَ مثَّل ذلك برءوسِ الشياطينِ] (٥)، على نحو ما قد جرَى به استعمالُ المخاطبين بالآية بينهم، وذلك


(١) في ت ٢: "كأنه".
(٢) وهى قراءة شاذة.
(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٧ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٤) في ت ١: "أقرب".
(٥) سقط من: ت ١.