للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليَّ حُجّةً، ولكنها مُنكسِرَةٌ، إنَّك لتحتجُّ بلا حُجَّةٍ، وحُجّتُك ضعيفةٌ. ووَجَّه (١) معنى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ إلى معنَى: إلّا الذين ظلموا منهم من أهلِ الكتابِ، فإن لهم عليكم حُجةً واهيةً، أو حُجةً ضعيفةً. ووَهَاءُ (٢) قولِ من قال: "إلّا" في هذا الموضعِ بمعنى "لكن". وضَعْفُ قولِ من زعَم أنه ابتداءٌ بمعنَى: إلّا الذين ظلَموا منهم فلا تخشوهم؛ لأن تأويلَ أهلِ التأويلِ جاءَ في ذلك بأن ذلك من اللهِ خبرٌ عن الذين ظلَموا منهم أنهم يحتَجُّون على النبيِّ وأصحابِه بما قد ذكرْنا، ولم يقصِدْ في ذلك إلى الخبرِ عن صفةِ حُجّتِهم بالضعفِ ولا بالقوَّةِ - وإن كانت ضعيفةً لأنها باطلةٌ - وإنما قصَد فيه الإثباتَ للذين ظلَموا ما قد نَفَى عن الذين قبلَ حرفِ الاستثناءِ من الصفةِ.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: حدَّثنا إسحاقُ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، قال: قال الربيعُ: إن يهوديًّا خاصمَ أبا العاليةِ فقال: إن موسى كان يُصلِّي إلى صخرةِ بيتِ المقدسِ. فقال أبو العاليةِ: كان يُصلِّي عند الصخرةِ إلى البيتِ الحرامِ. قال: قال فبيني وبينَك مسجدُ صالحٍ، فإنه نحَته من الجبلِ. قال أبو العاليةِ: قد صلّيتُ فيه وقبلتُه إلى البيتِ الحرامِ. قال الربيعُ: وأخبرَني أبو العاليةِ أنه مرَّ على مسجدِ ذِي القرنين وقِبلتُه إلى الكعبةِ.

وأما قولُه: ﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾ يعني: فلا تخشَوْا هؤلاء الذين وصَفْتُ لكم أمرَهم من الظلَمةِ (٣)، في حُجّتِهم وجدالِهم وقولِهم ما يقولُون من (٤) أن محمدًا


(١) التقدير: وظاهر بطلان قول من وجّه.
(٢) في النسخ عدا الأصل: "وهي" وهما بمعنى. وتقدير الكلام: وظاهر وهاء.
(٣) في م: "الظلم".
(٤) في ص: "في".