للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانيةِ [بـ"إلّا"] (١) الأُولى. ويُجمعُ أيضًا فيها بينَ "إلّا" والواوِ، فيقالُ: سار القومُ إلّا عَمرًا، وإلّا أخاك. فتُحذفُ إحداهما فتنوبُ الأخرَى عنها، فيقالُ: سارَ القومُ إلّا عَمرًا وأخاك. أو: إلّا عَمرًا إلّا أخاك. لما وصَفْنا قبلُ.

فإذْ كان ذلك كذلك، فغيرُ جائزٍ لمدَّعٍ (٢) من الناسِ أن يدّعِيَ أن ﴿إِلَّا﴾ في هذا الموضعِ بمعنى الواوِ التي تأتي بمعنَى العطفِ.

وواضحٌ فسادُ قولِ من زعَم أن معنى ذلك (٣): إلّا الذين ظلَموا منهم، فإنهم لا حُجّةَ لهم، فلا تَخشَوْهم، كقولِ القائلِ في الكلامِ (٤): الناسُ كلُّهم لك حامدون، إلّا الظالمَ (٥) المعتدِيَ عليك، فإن ذلك لا يُعتدُّ بعُدْوانِه (٦)، ولا بترْكِه الحمدَ لموضِعِ العداوةِ. وكذلك الظالمُ لا حُجةَ له، وقد سُمِّى ظالمًا - لإجماعِ جميعِ أهلِ التأويلِ على تخْطِئةِ ما ادَّعى من التأويلِ في ذلك. وكفَى شاهدًا على خطأِ مقالةٍ (٧) إجماعُهم على تخطِئَتِها.

وظاهرٌ بطولُ قولِ من زعَم أن الذين ظلَموا عهنا ناسٌ من العربِ كانوا يهودًا أو (٨) نصارَى، فكانوا يحتَجُّون على النبيِّ، فأما سائرُ العربِ، فلم تكنْ لهم حُجّةٌ، وكانت حُجّةُ من يحتَجُّ مُنكسِرةً؛ لأنك تقولُ لمن تُريدُ أن تكَسِرَ عليه حُجَّتَه: إن لك


(١) في ص: "إلى".
(٢) هو أبو عبيدة معمر بن المُثَنَّى. ينظر مجاز القرآن ١/ ٦٠.
(٣) هو الفراء، وما سيأتي هو نص كلامه في معاني القرآن ١/ ٨٩.
(٤) في م، ت ٢: "كلامه".
(٥) بعده في معاني القرآن: "لك".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعداوته".
(٧) في م، ت ٢: "مقالته".
(٨) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".