للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفاحشةِ، وإبلاغِه إياهم رسالةَ ربِّه، بتحريمِ ذلك عليهم، إلا التمادىَ في غَيِّهم، أنْجَيْنا لوطًا وأهلَه المؤمنين به (١)، إلا امرأتَه، فإنها كانت للوطٍ خائنةً، وباللهِ كافرةً.

وقولُه: ﴿كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾. يقولُ: مِن الباقِين.

وقيل: ﴿مِنَ الْغَابِرِينَ﴾. ولم يَقُل: مِن الغابراتِ؛ لأنه أُريدَ (٢) أنها ممن بقِى مع الرجالِ، فلما ضَمَّ ذكرَها إلى ذكرِ الرجالِ، قيل: ﴿مِنَ الْغَابِرِينَ﴾.

والفعلُ منه: غَبَر يَغْبُرُ غُبُورًا وغَيْرًا، وذلك إذا بقِى. كما قال الأَعْشَى (٣).

عضَّ بما أبْقَى المَوَاسِى (٤) له … مِن أَمَةٍ في الزمنِ الغابِرِ

وكما قال الآخرُ: (٥)

وأَبى الذي فتَح البلادَ بسيفِه … فأذَلَّها لبنى أبانِ (٦) الغابرِ

يعني: الباقى.

فإن قال قائلٌ: أفكانت (٧) امرأةُ لوطٍ ممَّن نجا مِن الهلاكِ الذي هلَك به قومُ لوطٍ؟

قيل: لا، بل كانت في من هلَك.

فإن قال: فكيف قيل: ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾. وقد قلتَ:


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في ص، ف، م، ت ٣: "يريد".
(٣) ديوانه ص ١٤٥.
(٤) المَواسى جمع مُوسى: الحديد. اللسان (و س ى).
(٥) هو يزيد بن الحكم بن أبى العاص الثقفى، والبيت في خزانة الأدب ١/ ١١٤.
(٦) في الخزانة: "الزمان".
(٧) في ص، م، ت ٣، ف: "فكانت".