للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم بخطأَ ما هم عليه مُقِيمون.

يقولُ اللَّهُ عز ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : لا تَسْتَعْظِموا أمرَ الذين همُّوا ببسطِ أيديهم إليكم مِن هؤلاء اليهودِ بما همُّوا به لكم، ولا أمْرَ الغدرِ الذي حاوَلوه وأرادوه بكم، فإن ذلك مِن أخلاقِ أوائلِهم وأسلافِهم، لا يَعْدُون أن يكونوا على مِنهاجِ أوَّلِهم وطريقِ فَرَطهم (١).

ثم ابْتَدَأَ الخبرَ عزَّ ذكرُه عن بعضِ غَدَراتِهم وخياناتِهم، وجراءَتِهم على ربِّهم، ونقضِهم ميثاقَهم الذي واثقَهم عليه بارئُهم (٢)، مع نعمِه التي خصَّهم بها، وكَراماتِه التي طوَّقهم شكرَها، فقال: ولقد أخَذ اللَّهُ ميثاقَ سَلَفِ مَن همَّ بيسْطِ يدِه إليكم مِن يهودِ بنى إسرائيلَ يا معشرَ المؤمنين، بالوفاءِ له بعهودِه وطاعتِه، فيما أمَرَهم ونهاهم.

كما حدَّثني المثنى، قال: ثنا آدمُ العَسْقَلانيُّ، قال: ثنا أبو جعفرٍ الرازيُّ، عن الربيعِ، عن أبي العاليةِ في قولِه: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. قال: أخَذ اللَّهُ مَواثيقَهم أن يُخْلِصوا له ولا يَعْبُدُوا غيرَه (٣).

﴿وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾. يعنى بذلك: وبعَثْنا منهم اثنَىْ عشَرَ كَفيلًا، كُفِّلوا عليهم بالوفاءِ للَّهِ بما واثَقُوه عليه مِن العهودِ فيما أمَرَهم به، وفيما نهاهم عنه.

والنقيبُ في كلامِ العربِ كالعَرِيفِ على القومِ، غيرَ أنه فوقَ العَريفِ، يقالُ منه: نقَب فلانٌ على بنى فلانٍ، فهو يَنْقُبُ نَقْبًا. فإذا أُرِيد أنه لم يَكُنْ نَقيبًا فصار نقيبًا، قيل: قد نَقُب فهو يَنْقُبُ نَقَابةً. ومِن العَريفِ: عَرُف عليهم يَعْرُفُ عَرَافةً.


(١) في م: "سلفهم"، وهما بمعنًى.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بأدائهم".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٧ إلى المصنف.