للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدِّثْتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾. قال: لما نزَلت: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾. كان أحدُهم يَجِيءُ إلى الكاتب فيَقُولُ: اكْتُبْ لي. فَيَقُولُ: إنى مَشْغولٌ، أو: لى حاجةٌ، فَانْطَلِقُ إلى غيرى. فيَلْزَمُه ويقول: إنك قد أمرت أن تَكْتُبَ لى. فلا يَدَعُه، ويُضَارُّه بذلك وهو يَجِدُ غيرَه، ويأتى الرجلُ فيقولُ: انْطَلِقْ معى فأُشْهِدَك (١). فيقولُ: انطلقْ إلى غيرِى، فإني مَشْغولٌ، أو: لى حَاجةٌ. فيَلْزَمُه ويَقُولُ: قد أمِرتَ أن تتَّبِعَني. فيُضَارُّه بذلك وهو يَجِدُ غيرَه، فأنزَل اللَّهُ ﷿: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾ (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا سُويدٌ، قال: أخبَرَنا ابن المباركِ، عن معمرٍ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾. يقولُ: إِنَّ لى حاجةً فدَعْنى. فيَقُولُ: لا (٣)، اكْتُبْ لى. ولا شهيدٌ كذلك (٤).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: ولا يضارَرْ كاتبٌ ولا شهيدٌ. بمعنى: ولا يُضَارِرُهما مَن استَكْتَب هذا أو استشهَد هذا؛ بأن يأبى على هذا إلا أن يَكْتُبَ له وهو مشغولٌ بأمرِ نفسِه، ويَأبى على هذا إلا أن يُجِيبَه إلى الشهادةِ، وهو غيرُ فارغٍ، على ما قاله قائلو ذلك، من القول الذي قد ذكَرناه قبلُ.

وإنما قلنا: هذا القولُ أولى بالصوابِ من غيرِه؛ لأن الخطابَ مِن اللَّهِ ﷿ في هذه الآيةِ مِن مُبْتَدئِها إلى انقضائِها على وجهِ: افعَلوا أو لا تفعَلوا. وإنما هو


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٦٧ عقب الأثر (٣٠٢٢) من طريق ابن أبي جعفر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٧٢ إلى المصنف.
(٣) سقط من: م.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١١١، وفي مصنفه (١٥٥٦٣) عن معمر بنحوه مختصرًا.