للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نبيَّه أن يقولَ لهؤلاء الجَهَلةِ مِن المشركين الذين قصَّ قِصَصَهم فى هذه الآياتِ التى مضَت، يقولُ له عزَّ ذكرُه: قلْ لهم يا محمدُ: أىَّ هذه سأَلْتُكم عن تحريمِه حرَّم ربُّكم عليكم مِن هذه الأزواجِ الثمانيةِ؟ فإن أجابوك عن شيءٍ مما سأَلْتَهم عنه مِن ذلك، فقلْ لهم: أَخَبرًا قلتُم: إن اللهَ حرَّم هذا عليكم. أخْبَرَكم به رسولٌ عن (١) ربِّكم، أم شهِدْتُم ربَّكم فرأَيْتُموه فوصَّاكم بهذا الذى تقولون وتُزَوِّرون (٢) على اللهِ؟ فإن هذا الذى تقولون مِن إخبارِكم عن اللهِ أنه حرامٌ بما تَزْعُمون على ما تَزْعُمون، لا يُعْلَمُ إلا بوحىٍ مِن عندِه، مع رسولٍ يُرْسِلُه إلى خلقِه، أو (٣) بسماعٍ منه، فبأىِّ هذين الوجهين علِمْتُم أن اللهَ حرَّم ذلك كذلك، برسولٍ أرْسَله إليكم، فأنْبِئُونى بعلمٍ إن كنتم صادقين؟ أم شهِدْتُم ربَّكم فأوْصاكم بذلك وقال لكم: حرَّمْتُ ذلك عليكم. فسمِعْتُم تحريمَه منه وعهدَه إليكم بذلك؟ فإنه لم يَكُنْ واحدٌ مِن هذين الأمرين، يقولُ جلَّ ثناؤُه: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ يقولُ: فَمَن أشدُّ ظلمًا لنفسِه، وأبعدُ عن الحقِّ ممَّن تخَرَّص على اللهِ قيلَ الكذبِ، وأضاف إليه تحريمَ ما لم يُحَرِّمْ، وتحليلَ ما لم يُحَلِّلْ؛ ﴿لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾. يقولُ: لِيَصُدَّهم عن سبيله. ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ يقولُ: لا يُوَفِّقُ اللهُ للرُّشْدِ مَن افْتَرَى على اللهِ وقال عليه الزُّورَ والكذبَ، وأضاف إليه تحريمَ ما لم يُحَرِّمْ؛ كفرًا باللهِ، وجُحودًا لنبوةِ نبيِّه محمدٍ .

كالذى حدَّثنى يونُسُ، قال: أخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ فى قولِه: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا﴾: الذى تقولون (٤).


(١) فى ص، س، ف: "من".
(٢) فى ت ١: "يدوون" وفى ف: "ترون" وفى م، ت ٢، ت ٣: "وتردون".
(٣) فى ص، ت ١، ف: "أم".
(٤) تتمة الأثر المتقدم فى ص ٦٢٨.