للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ظنَّ بعضُ الناسِ أن مَن قرَأ ذلك: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً﴾. إنما قرَأه على معنَى: إلا أن يَكونَ الدَّيْنُ (١) تجارةً حاضرةً. فزعَم أنه كان يَلْزَمُ قارئ ذلك أن يَقْرأ: يكون بالياءِ، وأغْفَل موضعَ صوابِ قراءتِه مِن جهةِ الإعرابِ، وألْزَمه غيرَ ما يَلْزَمُه. وذلك أن العربَ إذا ذكروا (٢) مع "كان" نكرةً مؤنثًا بنعتِها أو خبرِها، أنَّثوا "كان" مرةً، وذكَّروها أخرى، فقالوا: إن كانت جاريةٌ صغيرةٌ فاشترُوها، وإن كان جاريةٌ صغيرةٌ فاشْتَرُوها، [وإن كانت جاريةً صغيرةً فاشترُوها، وإن كان جاريةً صغيرةً فاشترُوها] (٣). تُذَكَّرُ "كان" - وإن نُصبت النكرةُ المنعوتةُ أو رُفِعت - أحيانا، وتُؤنَّثُ أحيانا.

وقد زعم بعضُ نحويى البصرةِ أن قولَه: (إلا أنْ تَكونَ تجارَةٌ حاضرةٌ). مرفوعةٌ فيه التِّجارةُ الحاضِرةُ لأنَّ "تكون" بمعنى التَّمامِ، ولا حَاجةَ بها إلى الخَبرِ، بمعنى: إلا أن تُوجد أو تقع أو تحدُثَ. فألزَم نفسه ما لم يكنْ لها لازمًا؛ لأنه إنما ألزَم نفسَه ذلك، إذ لم يكنْ يجدُ لـ "كان" منصُوبًا، ووجَد التجارةَ الحاضرةَ مرفُوعةً، وأغفَلَ جَوازَ قولِه: ﴿تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾ أن يكون خبرًا لـ"كان"، فيسْتَغْنى بذلك عن إلزام نفسه ما ألزم.

والذي قال مَن حَكَيْنا قولَه من البصريين غيرُ خطأ في العربيَّةِ، غير أنَّ الذي قلناه بكلامِ العرب أشبهُ، وفى المعنى أصَحُّ، وهو أن يكونَ في قولِه: ﴿تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾. وجهان؛ أحدُهما، [أنه في موضع نصبٍ على] (٤) أنه حَلَّ محلَّ خبرِ "كان"، والتجارةُ الحاضرةُ اسمُها. والآخرُ، أنه في موضعِ رَفْعٍ على إتْباعِ التجارةِ


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "جعلوا".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) سقط من: الأصل.