للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينِكم وملَّتِكم الذين استضَعَفَهم الكفارُ، فاستذَلُّوهم ابتغاءَ فتنتِهم وصَدِّهم (١) عن دينِهم من الرجالِ والنساءِ والولدانِ - جمعُ وَلَدٍ: وهم الصِّبيانُ - ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾. يَعْنى بذلك أن هؤلاء المستَضْعَفين مِن الرجالِ والنساءِ والوِلدانِ يقولون في دعائِهم ربَّهم، بأن يُنْجِيَهم مِن فتنةِ من قد استضْعَفَهم من المشركين: يا ربَّنا، أخرِجْنا من هذه القريةِ. والعربُ تسمى كلَّ مدينةٍ قريةً. ﴿الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾. يعنى: التي قد ظلمتنا وأنفسها أهلُها، وهى (٢) في هذا الموضعِ - فيما فسَّر أهلُ التأويلِ - مكةُ.

وخُفِض ﴿الظَّالِمِ﴾؛ لأنه مِن صفةِ الأهلِ، وقد عادَت الهاءُ والألفُ اللتان فيه على القرية، وكذلك تَفْعَلُ العربُ: إذا تَقَدَّمت صفةُ الاسمِ الذي معه كنايةٌ (٣) لاسمٍ قبلَها، أتبعتْ إعرابَها إعرابَ الاسمِ الذي قبلَها، كأنها صفةٌ له، فتَقُولُ: مرَرْتُ بالرجلِ الكريمِ أبوه. ﴿وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾. يعنى أنهم يَقُولون أيضًا ذلك في دعائِهم: يا ربَّنا، واجْعَلْ لنا مِن عندِك وليًّا، يَلِى أمرَنا بالكفايةِ مما نحن فيه مِن فتنةِ أهلِ الكفرِ بك ﴿وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾. يعنى: ويَقُولون: واجْعَلْ لَنَا مِن عِندِكَ مَن يَنْصُرُنا على مَن ظلَمَنا من أهلِ هذه القريةِ الظالمِ أهلُها بصدِّهم إيانا عن سبيلِك، حتى تُظْفِرَنا بهم وتُعلى دينَك.

وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في الأصل: "بعدهم".
(٢) في ص، ت ١، س: "هم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "عادر"، وفى م، ت ٢: "عائد". وفي س: "الذي عاد".