للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معنى ذلك: وروحٌ من اللهِ خلَقها فصوَّرها، ثم أَرْسَلها إلى مريمَ، فدخلت فى فِيها، فصيَّرها اللهُ تعالى روحَ عيسى .

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنى المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ سعدٍ، قال: أخبرنى أبو جعفرٍ الرازىُّ، عن الرَّبيعِ، عن أبي العاليةِ، عن أُبىِّ بنِ كعبٍ، فى قولِه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢]، قال: أخَذهم فجعَلهم أرواحاً، ثم صوَّرهم، ثم استَنْطَقهم، فكان روحُ عيسى من تلك الأرواحِ التى أخَذ عليها العهدَ والميثاقَ، فأَرْسَل ذلك الروحَ إلى مريمَ، فدخَل فى فِيها فحمَلت الذى (١) خاطَبها، وهو (٢) روحُ عيسى (٣).

وقال آخرون: معنى الرُّوحِ ههنا: جبريلُ . قالوا: ومعنى الكلامِ: وكلمتُه ألقاها إلى مريمَ، وألقاها أيضًا إليها رُوحٌ من اللهِ. قالوا: فالروحُ معطوفٌ به على ما فى قولِه: ﴿أَلْقَاهَا﴾ (٤)، من ذكرِ اللهِ، بمعنى: أن إلقاءَ الكلمةِ إلى مريمَ كان من اللهِ جلَّ ثناؤه، ثم من جبريلَ .

ولكلٍّ هذه الأقوالِ وجةٌ ومذهبٌ غيرُ بعيدٍ من الصوابِ (٥). القولُ فى تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا


(١) فى م: "والذى".
(٢) فى م، ت ٢، ت ٣: "هو".
(٣) سيأتى مطولاً فى سورة الأعراف، فانظر تخريجه هناك.
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) قال ابن كثير فى تفسيره ٢/ ٤٣١،٤٣٢: والأظهر الأول أنه مخلوق من روح مخلوقة، وأضيفت الروح إلى الله على وجه التشريف، كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله فى قوله: ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ﴾، وفي قوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾. وكما ورد فى الحديث الصحيح: "فأدخل على ربى فى داره". أضافها إليه إضافة تشريف لها، وهذا كله من قبيل واحدٍ ونمط واحدٍ.