للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واسْتَشْهَدوا على ذلك من قولِهم بقول ذى الرُّمَّةِ فى صفةِ نارٍ نعَتها (١):

فلما بدَتْ كفَّنْتُها وَهْىَ طِفْلَةٌ … بطَلْساءَ (٢) لم تكمُلْ (٣) ذِراعًا ولا شِبْرَا

وقلتُ له (٤) ارْفَعْها إليكَ وأَخْيِها … برُوحِكَ واقْتَتْهُ (٥) لها قِيتةً قَدْرَا

وظاهِرْ لها من يابسِ (٦) الشَّخْتِ (٧) واسْتَعِنْ … عليها الصَّبَا واجْعَلْ يَدَيْكَ لها سِتْرًا (٨)

وقالوا: يعنى بقولِه: وأَخْيِها برُوحِكَ. أى: أَخيِها بنفخِك.

وقال بعضُهم: يعنى بقولِه: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾. أنه كان إنسانًا بإحياءِ اللهِ إياه بقولِه: كُنْ. قالوا: وإنما معنى قولِه: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾. وحياةٌ منه، بمعنى إحياءِ اللهِ إيَّاه بتكوينِه.

وقال آخرون (٩): معنى قولِه: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾. ورحمةٌ منه، كما قال جلَّ ثناؤُه فى موضعٍ آخرَ: ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ [المجادلة: ٢٢]. قالوا: ومعناه فى هذا الموضع: ورحمةٌ منه. قال: فجعَل اللهُ عيسى رحمةً منه على مَن اتَّبعه وآمن به وصدَّقه؛ لأنه هداهم إلى سبيلِ الرشادِ.


(١) ديوانه مع الشرح ٣/ ١٤٢٨ - ١٤٣١.
(٢) قوله: بطلساء متعلق بـ "كفنتها"، والمراد: "صيرتها فى خرقة وسخة تَضرِب إلى السواد. شرح الديوان ٣/ ١٤٢٩.
(٣) فى الأصل: "تكفل".
(٤) فى ص، ت ١: "لك".
(٥) فى م "واقتته" وهو خطأ بين. "واقتته" و افتعِلْه من القوت. المصدر السابق.
(٦) فى م: "بائس". أورد السيوطى فى المزهر ١/ ٥٥٦، عن أبى عبيد عن الأصمعى أنه أخبر عيس بن عمر أن ذا الرمة أنشده البيت باللفظين جميعا.
(٧) فى الأصل: الشحب. والشخت: ما دق من الحطب المصدر السابق.
(٨) بعده فى م: "فلما جرت للجزل جريا كأنه … سنا البرق أحدثنا لخالقها شكرًا".
(٩) فى م "بعضهم".