للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾. فإنه يعنى بالكلمة الرسالةَ التى أمرَ اللهُ ملائكتَه أن تأتىَ مريمَ بها، بشارةً من اللهِ لها، التى ذكَر جلَّ ثناؤُه فى قولِه: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ﴾. يعني: برسالةٍ منه، وبشارةٍ من عندِه.

وقد قال قتادةُ فى ذلك، ما حدَّثنا به الحسنُ بنٌ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ عن قتادةَ: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾. قال: هو قولُه: كُنْ. فكان.

وقد بيَّنا اختلافَ المختلِفين من أهلِ الإسلامِ فى ذلك فيما مضى [قبلُ مع البيانِ عن الصحيحِ من القولِ فيه فيما مضى] (١)، بما أغنى عن إعادتِه فى هذا الموضعِ (٢).

وقولُه: ﴿أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾. يعنى: أَعْلَمها بها وأَخْبَرها، كما يقالُ: أَلْقِيتُ إليكَ كلمةً حسنةً. بمعنى أخبرتُكَ بها، وكلَّمتُك بها.

وأما قولُه: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾. فإن أهلَ العلمِ اخْتَلفوا فى تأويلِه؛ فقال بعضُهم: معنى قولِه: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾: ونفخةٌ منه (٣)، لأنه حدَث عن نفخةِ جبريلَ فى دِرْعِ مريمَ بأمرِ اللهِ ﷿ إيَّاه بذلك، فنُسِب إلى أنه روحٌ من اللهِ؛ لأنه بأمرِه كان. قالوا: وإنما سُمِّى النفخُ رُوحًا؛ لأنها رِيحٌ تخرُجُ عن (٤) الرُّوحِ،


(١) سقط ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) ينظر ما تقدم فى ٥/ ٤٠٦.
(٣) بعده فى الأصل: "وقالوا: قال: وروح منه".
(٤) فى م: "من".