للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ اللهُ تعالى ذكرُه: ويُذْهِبْ وَجْدَ قلوبِ هؤلاء القومِ المؤمنين مِن خُزاعةَ، على هؤلاءِ القومِ الذين نَكَثوا أيمانَهم من المشركين، وغَمَّها وكَرْبَها بما فيها مِن الوَجْدِ عليهم، بمَعُونتِهم بَكْرًا كما حدَّثني ابن وَكِيعٍ، قال: ثنا عمرُو بنُ محمدٍ العَنْقَرِيُّ، عن أسباطَ، عن السُّدِّيِّ: ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ حينَ قَتَلهم بنو بكرٍ، وأعانتهم قريشٌ.

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ مثلَه، إلا أنه قال: وأعانهم (١) عليهم قريشٌ (٢).

وأمَّا قولُه: ﴿وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ﴾. فإنه خبرُ مبتدأ؛ ولذلك رُفِع، وجُزِم الأحرفُ الثلاثةُ قبل ذلك على وَجْهِ المُجازاة، كأنه قال: قاتِلوهم، فإنكم إن تُقاتِلوهم يُعَذِّبْهم اللهُ بأيْدِيكم، ويُخْرِهم، ويَنْصُرْكم عليهم، ثم ابتَدَأ فقال: ﴿وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ﴾؛ لأن القتالَ غيرُ مُوجِبٍ لهم التوبةَ مِن اللَّهِ، وهو مُوجِبٌ لهم العذابَ مِن اللِه، والخِزْيَ، وشِفاءَ صُدورِ المؤمنين، وذَهَابَ غَيْظِ قلوبِهم، فجَزَم ذلك شَرْطًا وجزاءً على القتالِ، ولم يكنْ مُوجِبًا القتالُ التوبةَ، فَابْتُدِئَ الخَبَرُ (٣) به ورُفِع.

ومعنى الكلام: ويَمُنُّ اللهُ على مَن يشاءُ من عبادِه الكافرين، فيُقبِلُ به إلى التوبةِ بتَوفيقِه إيَّاه، ﴿اللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بسَرائرِ عبادِه، ومَن هو للتوبةِ أهلٌ، فيتوبُ عليه، ومَن غيرُ أهلٍ لها، فيَخْذُلُه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تَصْرِيفِ عبادِه من حالِ كفرٍ إلى حالِ


(١) في ص، ف: "أعانتهم". والمثبت موافق لما في مصدر التخريج.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٦٤ من طريق أسباط به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢١٥ إلى أبى الشيخ.
(٣) في م: "الحكم".