للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك ذلك في مَصاحِفِ أهلِ المدينة بغيرِ واوٍ (١).

وقرَأ ذلك بعضُ البصريين: (وَيَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالواوِ ونصبِ "يقولَ" (٢) عطفًا به على ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾. وذكر قارئُ ذلك أنه كان يَقولُ: إنما أُريدُ بذلك: فعسى اللَّهُ أن يَأْتِىَ بالفتحِ، وعسى أن يقولَ الذين آمنوا. ومُحالٌ غيرُ ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يُقالَ: وعسى اللَّهُ أن يقول الذين آمنوا. وكان يقولُ: ذلك نحوُ قولِهم: أكَلْتُ خبزًا ولبنًا. وكقولِ الشاعرِ (٣):

ورأيْتِ زوجَكِ في الوَغَى … مُتَقَلِّدًا سيفًا ورُمْحا

فتأويل الكلام على هذه القراءةِ: فعسى اللَّهُ أن يَأْتِيَ بالفتحِ المؤمنين، أو أَمْرٍ مِن عندِه يُدِيلُهم به على أهلِ الكفر مِن أعدائِهم، فيُصْبحَ المنافقون على ما أسَرُّوا في أنفسِهم نادمين، وعسى أن يقولَ الذين آمنوا حينَئذٍ: هؤلاء الذين أَقْسَمُوا باللَّهِ كذبًا جَهْدَ أيْمانِهم إنهم لمعكم؟

وهى في مَصاحِفِ أهلِ العراقِ بالواو: (ويقولُ الذين آمنوا) (٤).

وقرَأ ذلك قرَأَةُ الكوفيين: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالواوِ ورفع "يقولُ" بالاسْتِقْبالِ والسَّلامةِ مِن الجَوازمِ والنَّواصِبِ (٥).

وتأويلُ مَن قرَأ ذلك كذلك: فيُصْبِحوا على ما أَسَرُّوا في أنفسِهم يَنْدَمُون، ويقولُ الذين آمَنوا. فيَبْتَدِئُ "يقولُ" فيَرْفَعُها.

وقراءتنا التي نحن عليها: ﴿وَيَقُولُ﴾ بإثبات الواوِ في ﴿وَيَقُولُ﴾؛ لأنها كذلك


(١) المصاحف لابن أبي داود ص ٤١.
(٢) هي قراءة أبي عمرو البصرى ويعقوب. النشر ٢/ ١٩١.
(٣) تقدم البيت في ١/ ١٤٠.
(٤) المصاحف لابن أبي داود ص ٤٣.
(٥) وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائى وخلف. النشر ٢/ ١٩١.