للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن المؤمنين عليها أن يُقْتَلُوا أو يُسْلَبوا أموالَهم، فهم إذا قاموا إلى الصلاة التي هي مِن الفرائضِ الظاهرةِ، قاموا كُسالَى إليها، رياءً للمؤمنين، ليَحْسَبوهم منهم، وليسوا منهم؛ لأنهم غيرُ مُعْتَقِدِى فرضَها ووجوبَها عليهم، فهم في قيامِهم إليها كُسالَى.

كما حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى﴾. فإنه واللهِ لولا الناسُ ما صلَّى المنافقُ، ولا يُصَلِّي إلا رياءً وسُمْعةً (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ﴾. قال: هم المنافقون؛ لولا الرياءُ ما صَلَّوا (٢).

وأما قولُه: ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾، فلعل قائلًا أن يقولَ: وهل مِن ذكرِ اللهِ شيءٌ قليلٌ؟

قيل له: إن معنى ذلك بخلافِ ما إليه ذهَبتَ، وإنما معناه: ولا يَذْكُرون الله إلا ذِكْر رياءٍ، ليَدْفَعوا به عن أنفسِهم القتلَ والسِّبَاءَ وسلبَ الأموالٍ، لا ذِكرَ مُوقِنٍ مُصَدِّقٍ بتوحيد اللهِ، مخلصٍ له الربوبيةَ، فلذلك سمَّاه الله قليلًا؛ لأنه غيرُ مقصودٍ به اللهُ، ولا مُبْتَغى به التقربُ إلى اللهِ، ولا مُرادٍ به ثوابُ الله وما عندَه، فهو - وإن كَثُر مِن وَجْهِ نَصَبٍ عامِلِه وذاكره - في معنى السَّراب الذي له ظاهرٌ بغيرِ حقيقةِ ماءٍ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١٠٩٦ (٦١٤٠) من طريق يزيد بن زريع به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٦ إلى ابن المنذر وعبد بن حميد.
(٢) ينظر التبيان ٣/ ٣٦٦.