للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرين؛ إما أن يكون على الظاهرِ المتعارفِ من معاني الدخول في الناس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها، أو يكون بمعنى الجماع. وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يُحَرِّمُ عليه ابنتها، إذا طلَّقها قبلَ مَسِيسِها ومباشرتها، أو قبل النظر إلى فرجها بالشهوة، ما يَدُلُّ على أن معني ذلك هو الوصول إليها بالجماع. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الصحيح من التأويل في ذلك ما قلناه.

وأما قوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾. فإنه يقولُ: فإن لم تكونوا أيُّها الناسُ دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم، فجامَعْتُموهنَّ حتى طلَّقْتُمُوهُنَّ (١)، ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾. يقولُ: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك.

وأما قوله: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾. فإنه يعنى: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم. وهى جمعُ حَلِيلةٍ، وهي امرأته. وقيل: سُمِّيت امرأةُ الرجل حليلته؛ لأنها تحلُّ معه في فراشٍ واحدٍ.

ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل حرامٌ عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النِّكاح، دخل بها أو لم يَدْخُلْ بها.

فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ في حلائلِ الأبناء من الرضاع، فإن الله تعالى إنما حرَّم حلائل أبنائنا مِن أصلابنا؟

قيل: إن حلائل الأبناء من الرضاع، وحلائل الأبناء من الأصلاب، سواءٌ في التحريم، وإنما قال (٢): ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾. لأن معناه:


(١) سقط من: س، وفى، ص، ت ٢، ت ٣: "طالقتموهن"، وفى ت ١: "خالفتموهن".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قيل".