للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾ الآية. فلم يكُنْ يُتَّهَمُ سَلَفُ المسلمين الصالحُ في شهادةِ الوالدِ لولدِه، ولا الولدِ لوالدِه، ولا الأخِ لأخيه، ولا الرجلِ لامرأتِه، ثم دَخِلَ الناسُ (١) بعدَ ذلك، فظَهَرَت منهم أمورٌ حَمَلَت الولاةَ على اتِّهامِهم، فتُرِكَت شهادةُ مَن يُتَّهَمُ إذا كانت مِن أقربائِهم، وصار ذلك مِن الولدِ والوالدِ والأخِ والزوجِ والمرأةِ، لم يُتَّهَمْ إلا هؤلاء في آخرِ الزمانِ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ إلى آخِرِ الآيةِ. قال: لا يَحْمِلُك فَقْرُ هذا على أن تَرْحَمَه، فلا تُقِيمَ عليه الشهادةَ. قال: يقولُ هذا للشاهدِ.

حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾. الآية: هذا في الشهادةِ، فأقِم الشهادةَ يابنَ آدمَ، ولو على نفسِك، أو الوالِدَين، أو على ذَوى قَرابتِك، أو شَرَفِ (٣) قومِك، فإنما الشهادةُ للهِ وليست للناسِ، وإن الله رَضِى العدلَ لنفسِه، والإقْساطُ والعَدْلُ مِيزانُ اللهِ في الأرضِ، به يَرُدُّ اللَّهُ مِن الشديدِ على الضعيفِ، ومِن الكاذبِ على الصادقِ، ومِن المُبْطِلِ على المُحِقِّ، وبالعدلِ يُصَدِّقُ الصَّادِقَ، ويُكَذِّبُ الكاذِبَ، ويَرُدُّ المُعْتَدِىَ ويُوَبِّخُه، تعالى ربُّنا وتبارك، وبالعدلِ يَصْلُحُ الناسُ، يا بنَ آدمَ، ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾. يقولُ: أوْلى بغَنِيِّكم وفقيرِكم. قال: وذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ موسى قال: ربِّ،


(١) دخِل الناس: فسد داخلهم: الوسيط (د خ ل).
(٢) ينظر التبيان ٣/ ٣٥٥.
(٣) في م، ومصدرى التخريج: "أشراف". والشرف والأشراف بمعنى. التاج (ش ر ف).