للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن هشامِ بن سعدٍ (١)، عن إسماعيلَ بن رافعٍ، قال: بَلَغَنى أن ابْنَيْ آدَمَ لما أُمِرا بِالقُرْبانِ، كان أحدُهما صاحبَ غنمٍ، وكان أُنْتِج له حَمَلٌ في غنمِهِ، فَأَحَبَّه حتى كان يُؤْثِرُه بالليلِ، وكان يَحْمِلُه على ظهرِه مِن حبِّه، حتى لم يكنْ له مالٌ أحبَّ إليه منه، فلمّا أُمِر بالقُرْبانِ قرَّبه للهِ فقبِلَه اللهُ منه، فما زال يرتَعُ في الجنةِ حتى فُدِى به ابن إبراهيمَ صَلَّى اللهُ عليهما (٢).

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا عوفٌ، عن أبي المغيرةِ، عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو، قال: إن ابنى آدمَ اللذين قَرَّبَا قُرْبانًا فَتُقُبِّل من أحدِهما ولم يُتَقَبَّلُ مِن الآخر، كان أحدُهما صاحبَ حَرْثٍ، والآخرُ صاحبَ غنمٍ، وإنهما أُمِرا أن يُقرِّبا قربانًا، وإن صاحبَ الغنمِ قرَّب أكرمَ غنمِه وأَسْمَنَها وأَحْسَنها، طيِّبةً بها نفسُه، وإن صاحبِ الحرثِ قرَّب شرَّ حرثِه الكَوْزَنَ (٣) والزُّوَانَ (٤)، غيرَ طيبةٍ بها نفسُه، وإن الله تَقَبَّل قربانَ صاحبِ الغنمِ، ولم يَتَقَبَّلْ قربانَ صاحبِ الحرثِ، وكان من قصتِهما ما قصَّ اللهُ في كتابِه، وقال: ايْمُ اللهِ، إن كان المقتولُ لأَشَدَّ الرجلين، ولكنْ مَنَعَه التحرُّجَ أن يبسُطَ (٥) إلى أخيه (٦).

وقال آخرون: لم يكنْ ذلك مِن أمرِهما عن أمرِ اللَّهِ إيَّاهما به.


(١) في م: "سعيد".
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٧٧ عن إسماعيل بن رافع، وعزاه إلى المصنف، وينظر عرائس المجالس ص ٣٨.
(٣) في تاريخ المصنف: "الكوزر"، وفى إحدى نسخه "الكوذر"، وفى تفسير ابن كثير ٣/ ٧٧: "الكودن"، وفى الدر المنثور ٢/ ٢٧٣: "الكردن". والذي وجدناه من ذلك الكردن والكَرْزن، بمعنى الفأس لها حدٌّ واحد، والكودن بمعنى البرذون الهجين، وقيل: هو البغل. اللسان (ك د ن، كردن، كررن).
(٤) الزوان، مثلثة بهمز ما يخرج مِن الطعام فيُرمى به، وهو الردئ منه، ينظر تاج العروس (ز و ن).
(٥) بعده في م: "يده".
(٦) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٤١، ١٤٢، وذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٧٧ عن المصنف.