للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ عرفةَ، قال: ثنا محمدُ بنُ خازمٍ أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن المعرورِ بن سويدٍ، عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ اللَّهِ : "إنِّي لأعْرِفُ آخِرَ أهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ، وآخِرَ أهْلِ النَّارِ دُخُولًا الجَنَّةَ". قال: "يُؤْتَى بِرجُلٍ يَوْمَ القِيامَةِ، فيُقالُ: نَحُّوا كِبارَ ذُنُوبِه وَسَلُوهُ عن صِغارِها". قال: "فيُقالُ لهُ: عَمِلْتَ كذا وكذا، [وعَمِلْتَ كذا وكذا] (١). . قال: "فَيَقُولُ: يا رَبِّ لقد عَمِلْتُ أشْياءَ ما أرَاها ههُنا". قال: فضحِك رسولُ اللَّهِ حتى بدَت نَواجِذُه. قال: "فيُقَالُ له: لك مَكَانَ كُلِّ سيِّئةٍ حَسَنَةٌ" (٢).

قال أبو جعفرٍ: وأولَى التأويلين بالصوابِ في ذلك تأويلُ مَن تأوَّله: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ﴾: أعمالَهم في الشركِ، ﴿حَسَنَاتٍ﴾ في الإسلامِ؛ بنقلِهم (٣) عمّا يَسخَطُه اللَّهُ مِن الأعمالِ إلى ما يَرضَى.

وإنما قلنا: ذلك أولى بتأويلِ الآيةِ؛ لأن الأعمالَ السيئةَ قد كانت مضَت على ما كانت عليه من القُبحِ، وغيرُ جائزٍ تحويلُ عينٍ قد مضَت بصفةٍ، إلى خلافِ ما كانت عليه، إلا بتغييرِها عمَّا كانت عليه من صفَتِها في حالٍ أُخرى، فيجِبُ إن فعَل ذلك كذلك، أن يصيرَ شركُ الكافرِ الذي كان شركًا في الكفرِ بعينِه إيمانًا يومَ القيامةِ بالإسلامِ، ومعاصيه كلُّها بأعيانِها طاعةً، وذلك ما لا يقولُه ذو حجًا.


(١) سقط من: ت ١، ف.
(٢) أخرجه أحمد ٥/ ١٧٠ (الميمنية)، ومسلم (١٩٠/ ٣١٥)، والترمذى (٢٥٩٦)، وابن منده في الإيمان (٨٤٩) من طريق أبى معاوية به. وأخرجه أحمد ٥/ ١٥٧ (الميمنية)، ومسلم (١٩٠/ ٣١٤، ٣١٥)، والترمذى في الشمائل (٢٢١)، وابن منده في الإيمان (٨٤٧، ٨٤٨) من طريق الأعمش به.
(٣) في ت ١، ت ٢: "ينقلهم".