للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، بأن اللَّهَ يراه، فيخاف سطوتَه وعقابَه؟

وقيل: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾.

فكُرِّرت ﴿أَرَأَيْتَ﴾ مراتٍ ثلاثًا على البدلِ. والمعنى: أرأيتَ الذي ينهى عبدًا إذا صلَّى، وهو مكذِّبٌ متولٍّ عن ربِّه، ألم يَعْلَمُ بأن اللَّهِ يراه؟!

وقولُه: ﴿كَلَّا﴾. يقولُ: ليس كما يقولُ (١): إنه يطأُ عنقَ محمدٍ. يقولُ: لا يقدِرُ على ذلك ولا يصلُ إليه.

وقولُه: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾. يقولُ: لئن لم ينتهِ أبو جهلٍ عن محمدٍ، ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾. يقولُ: لنأخذَنَّ مُقدَّمِ رأسه، فلنُضِيمَنَّه (٢) ولَنُذِلَّنَّه. يقالُ منه: سَفَعْتُ بيده. إذا أَخَذْتَ بيده.

وقيل: إنما قيل: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾. والمعنى: لنسوِّدَنَّ وجهَه. فاكتُفِيَ بذكرِ الناصيةِ من الوجه كلِّه، إذ كانت الناصيةُ في مقدَّمِ الوجه.

وقيل: معنى ذلك: لنأخذَنَّ بناصيته إلى النارِ، كما قيل (١): ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ [الرحمن: ٤١].

وقولُه: ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾. فخفَض ﴿نَاصِيَةٍ﴾ ردًّا على "الناصية" الأولى بالتكرير. ووصَف الناصيةَ بالكذبِ والخطيئةِ، والمعنى لصاحبِها.

وقولُه: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فلْيَدْعُ أبو جهلٍ أهلَ مجلسِه وأنصارَه من عشيرتِه وقومِه. والنادى هو المجلسُ.

وإنما قيل ذلك فيما بلَغنا لأن أبا جهلٍ لما نهَى النبيَّ عن الصلاةِ عندَ المقامِ،


(١) في م: "قال".
(٢) في م: "فلنضمنه".