للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا خبرٌ مِن الله تعالى ذكرُه عن هؤلاء الجَهَلةِ مِن المشركين أنهم كانوا يُحَرِّمون ويُحَلِّلون مِن قِبَلِ أنفسهم، من غير أن يَكونَ اللهُ أَذِن لهم بشيءٍ مِن ذلك.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقال هؤلاء العادلون بربِّهم مِن المشركين جهلًا منهم، لأنعامٍ لهم وحَرْثٍ: هذه أنعامٌ وهذا حَرْثٌ حِجْرٌ. يعنى بالأنعامِ والحرثِ ما كانوا جعلوه للهِ ولآلهتِهم التي قد مضَى ذكرُها في الآية قبل هذه.

وقيل: إن الأنعامَ؛ السائبةُ والوَصيلةُ والبَحيرةُ التي سمَّوْا.

حدَّثني بذلك محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: الأنعامُ؛ السائبةُ والبحيرةُ التى سمَّوْا (١).

والحِجْرُ (٢) في كلام العرب الحرامُ (٣)، يقالُ: حَجَرْتُ على فلانٍ كذا. أىْ: حرَّمْتُ عليه، ومنه قولُ اللهِ: ﴿وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [سورة الفرقان: ٢٢]. ومنه قولُ المُتَلَمِّسِ (٤):

حنَّت إلى النخلةِ القُصْوَى فقلتُ لها … حِجْرٌ حَرامٌ أَلا ثَمَّ الدَّهارِيسُ (٥)

وقولُ رُؤْبةَ (٦):

وجارَةُ البيتِ لها حُجْرِىُّ

يعنى المُحَرَّمَ. ومنه قولُ الآخر (٧):


(١) جزء من الأثر المتقدم في ص ٥٧٠، ٥٧١.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "الحجة".
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٤) ديوانه ص ٨٥.
(٥) الدهاريس: الدواهي. اللسان (دهرس).
(٦) البيت للعجاج أبى رؤبة، وهو في ديوانه ص ٣١٦.
(٧) هو أعشى باهلة، كذا نسبه ابن بري في اللسان (ر ف ق).